Atwasat

ركن العامرية.. الليبية بلا كرامة عند أصحاب الكرامة

فدوى بن عامر الثلاثاء 21 فبراير 2017, 01:46 مساء
فدوى بن عامر

في بلاد الرفاهية الليبية، تقلّدت سيدةٌ مقاليد العمادة لإحدى الكليات الجامعية وكان لها من الأبناء ثلاثة شباب من زوج صاحب عين زائغة. و بعد أعاصير التغيير وعلى إثر ذلك الخطاب قرر الزواج بالثانية وبعد معارك ضارية انتزعت حريتها حين سلّمت في كل ما لها وخرجت من علاقة الميثاق الغليظ بأبنائها الشباب وكرامة مجروحة، وكان ذلك أول مكتسباتها.

وبدل منع القتل والسحل والتعذيب والسرقة جاء رجل من أقصى مدينة الرفاهية يسعى ناهيًا الرجال عن العناق ووجوب ترك ذلك للنساء. فما كان من النساء إلا التعانق مع ذرف الدماء، أما الصناديد فتركوا العناق داخل المدينة ومارسوه خارجها بأموال الوطن، أعني في مختلف دول العالم المتحضر.

ويستمر مسلسل الكرامة المجروحة للسيدة على أرض الرفاهية، فقد قُتِل أولادها الثلاثة واحدًا بعد الآخر وفي كل مرة يأتيها خبر نعي أحدهم يأمرها الصناديد "زغردي يا أم الشهيد"، وتزغرد كمدًا بمكتسباتها من أعاصير الكرامة وتشاركها النسوة الزغاريد استجابة لأمر العارفين.

وفي يوم صعدت على منبر العلم حين كانت لازالت بسذاجة تعتقد أنها إنسان كامل الأهلية، وحيث أنها كانت حاسرة الرأس كعادتها إلا أن خصلات شعرها المجعد قد استثارت بعض الكواسر فتأهبوا للانقضاض، فهم لم يطيقوا صبرًا ولم يتمكنوا من مغادرة المكان لحل معضلة عدم الصبر فأشاروا لكبيرهم بوجوب مغازلتهم فلم يتأخر، وأعطى الأوامر لزبانيته بالتخلص منها وأُنزلت من المنصة مدحورة أمام جمع الرجال والنساء دون أن يحرك أحدهم ساكنًا، وشاشات العالم تقهقه على المشهد الساخر لفرط غباء الرجل الليبي والسيدة الليبية تزغرد لمكتسب آخر لكرامتها، إنها أرض الرفاهية الموعودة.

وأقول جازمة أن النساء الليبيات قد يتجسسن على بعضهن لصنع المبطن والبوريك أما مسئولية الفشل في حماية الأمن القومي لبلاد الرفاهية فتقع كاملة على ظهور الصناديد

وهكذا ضاعت يا جدتي مجهودات المناضلات الليبيات الأوائل أدراج الأعاصير، أولئك من حلمن بمستقبل واعد لبناتهن وحفيداتهن فعملن آناء الليل وأطراف النهار من أمثال السيدة حميدة طرخان وغيرها الكثيرات.

وفي بلاد الرفاهية حيث لا كرامة لليبية، سرق الرجال الأموال وهجّروا الأبرياء وقطعوا الكهرباء وحرقوا الوقود وأفسدوا التعليم ومنعوا العلاج وأضاعوا الأمان وخربوا المساجد وأطالوا اللحى وتآمروا على الوطن فاستعانوا بكل أجنبي لئيم. ومرضت السيدة الليبية ولا علاج لها فاضطرت للسفر لأراضي الجيران وتطلب مرضها التردد للعلاج كل ثلاثة أشهر. وفي يوم غابت فيه الشمس خجلًا وتصبب القمر عرقًا ولعجزه عن حكم كل البلاد أصدر حاكم مدن الرفاهية فرمانًا مُهِينًا لكل ليبية حيث لم يكن له بد من مواصلة مغازلة طائفة من الصناديد فكان قرار اتسم بحكمة ليبية مخجلة جاءت في الجملة التالية "ولدواعي المصلحة العامة الحد من السلبيات التي صاحبت سفر النساء الليبيات إلى الخارج"، اللافت أنه ما كان بالإمكان استعمال لغة أكثر إذلالًا لكرامة كل النساء الليبيات من هذه اللغة ذلك أن هناك عدة سلبيات وليست ظاهرة سلبية واحدة قد صاحبت سفر كل الليبيات للخارج لا بعضهن أو حتى جلّهن.! هذه السلبيات العديدة بما يشوب الكلمة من معاني فضائحية مهينة لليبية قد أثرت على المصلحة العامة. في الواقع ولدواعي الصالح العام يتعين على الليبيات التوقف عن الإنجاب، إذ ما الفائدة المجنية من إنجاب المزيد من أمثال هؤلاء الفشلة.!

وهذا هو الحال فإننا نطالب أصحاب هذا القرار بنشر إحصائية عن أعداد النساء المسافرات دون محرم وطبيعة السلبيات التي اقترفنها أثناء سفرهن فمثلًا، عدد اللائي قُبض عليهن وهُن في حالة عربدة نتيجة السكر الشديد، أو نتيجة تحرشهن بالجنس الخشن أو إثر تواجدهن في وضع مخل بالآداب العامة. هذا إلى جانب إحصائية مماثلة للرجال المسافرين دون محرم حتى تتسنى لنا المقارنة العادلة لنصل لقناعة لا تقبل الشك عن من الذي بحاجة لمحرم عند السفر نتيجة تهوره الشديد منذ اللحظة الأولى لصعوده الطائرة وبداية احتسائه المسكر وجلبته المقززة وتحرشه البصري واللفظي بالمضيفات وقلة أدبه وعدم احترامه لوظيفته وبلده التي يمثلها.

ثم نأتي للمادة الأولى في القرار القاضية بمنع سفر الليبية من غير محرم لمن هي دون الستين. أولًا من اتخذ هذا القرار هو حاكم عسكري على المدن من درنة لبن جواد فقط كما جاء في الفرمان، عليه فإن القرار لا يسري على كل الليبيات وإنما على من تعيش ضمن حدود هذه المدن ولذا وجب تعديل لغة القرار لتعكس ذلك. ثانيًا أشار القرار لسن الستين و ليس أقل أو أكثر بعام مثلًا أو اثنين أو تسعة.! ثم إن سفر المرأة الستينية عادة ما يكون للعلاج وليس للعمل أو السياحة لذا فمن باب أولى أن يصاحبها محرم.

وأوضح صاحب القرار الحكيم مدى احترامه لكرامة النساء الليبيات حيث تأكد له أن الليبيات أصبحن مصدر تهديد للأمن القومي لمدن الرفاهية لأنهن جُندن للجوسسة. وأقول جازمة أن النساء الليبيات قد يتجسسن على بعضهن لصنع المبطن والبوريك أما مسئولية الفشل في حماية الأمن القومي لبلاد الرفاهية فتقع كاملة على ظهور الصناديد، فهم حراس العقول والثغور وصفحات التاريخ إبان الاستعمار الإيطالي مثلًا تشهد على من هم العملاء والخونة والجواسيس، النساء الليبيات أم الفحول الأفذاذ.!

وبالعودة لتلك السيدة الليبية، وبعد إصدار القرار الحكيم لم تتمكن من السفر فمكثت في بيتها إلى أن ماتت وحيدة وهي تزغرد وهذا كان آخر مكسب لكرامتها من أعاصير التغيير وهذه نتيجة من حسبتهم رجالًا فدعمتهم ولم تدعم نفسها. ماتت وهي تنشد وتقول "رد المحرم من الجبانة .. يا سامعنا جيب ضنانا".

ولم يجد الصناديد محرمًا واحدًا ليدفنها فاستعانوا بمحارم من بلاد بعيدة وقريبة ودفنوها وسط مساندة كل النسوة، القاضيات، المحاميات، المستشارات، الطبيبات، المهندسات، الأستاذات، المعلمات، الموظفات، ربَّات البيوت وغيرهن.. قد ساندن الميتة بالزغاريد!.