Atwasat

ركن العامرية .. سينفد صبرك يا صديقي

فدوى بن عامر الأربعاء 09 نوفمبر 2016, 08:55 صباحا
فدوى بن عامر

قال صديقي اللحوح "حديثيّنا عن المشهد الليبي الذي صاغه الرجل الليبي ولا تذكري المحاسن"، وبابتسامة أجبته "بل أذكرها"، فقال "أعرفها، لكنني أرغب بالاستماع لكلام أنثوي عن أعمال الرجل الليبي دون ذكر لمحاسنه". لم أستغرب إلا زعمه بمعرفة المحاسن فأجبته محذّرة "تلك أشياء لا تقال ولكن أفعل إن استطعتَ معي صبرًا، وكان لك قلب صلد يكظم الغيظ ويكون من العافين"، وبثقة الليبيين وعد بعدم الوعيد. مطمئنة البال أنا، فالرجل ليبي وأعطى الليبية كلمة ليبية، تبعثرت كلماتي من لجامها متطايرة صوب رأس صديقي.

أولًا.. دعني أقول أن حيازة الرجل الليبي المتكررة للمراتب الأولى في مسابقات حفظ القرآن الكريم لفخر لنا عظيم، وسيكون فخرنا أعظم لو تدبر ما حفظ، فالتفكّر للرجال وللنساء الافتخار بعد الانصياع، فربما جادت قريحته حينها بما يكون سببًا لجلب السعادات للشعب الحافظ التعيس، بدل البيانات الجائرة الممهورة باسم رب العالمين، المهدرة لدماء أكبادنا الشابة ذات العقول المستنيرة والكلمات المنيرة.

ثانيًا.. قد حكم الرجل الليبي كل رمال ليبيانا لمئات السنين، فباعتبار الحكم القرمانلي الذي تأسس عام 1711 بداية ظهور ملامح الدولة الليبية الحديثة، والذي تزامن تقريبًا مع بداية حكم الأسرة الحسينية في تونس، فيكون بمقدورك تقييم ما تم إبداعه وحتى تاريخه في ليبيانا ومقارنته بالذي حققه الرجل التونسي في بلاده وحتى تاريخه مع مجهريته.

ثالثًا.. السياسي الليبي الحالي في مأزق حقيقي. فما عدتُ أعلم أهو سياسي أم سائس أم وسواس خناس يوسوس في صدور الناس.! الخارقة اعتقاده بأنه سياسي، و تبًّا لهذا العقل الأنثوي الدائم الشك والتساؤل، لما غالبًا ما يكون السياسي في البلاد المتحضرة صاحب تخصصات نحتقرها، كالاقتصاد والسياسة بل أعظمها عندهم والأكثر وجاهة هو تخصص ( PPE) سياسة، فلسفة واقتصاد كالتي توفرها جامعات أكسفورد وكامبريدج البريطانيتين العريقتين. يرد عقلي بالقول، هذا هو سبب جهل ساستنا المخيف وأدائهم المخزي، إذ كيف يكون الطبيب والمهندس والاستاذ والميكانيكي علماء سياسة! أما رجل الدين فعلمه كاد أن يسع كل شيء فمثلًا، كمساهمة للملمة وطن مبعثر، يطالب رجل الدين السياسي أو السياسي الديني-كيف لي أن أعلم بعقل أنثوي خائب- المشايخ والعلماء من عامة الناس بأخذ تطبيق شريعة الرحمن الخاصة بحدود السرقة والقصاص وحتى القتل على عاتقهم ودون الرجوع للقانون!.

في نهاية الأمر يا صديقي اللحوح فإن الرجل الليبي لم يرحل صوب الشمس تاركاً المرأة الليبية أمام خيمتها

رابعًا يا صديقي، مؤلمة (رابعًا) هذه لامرأة مثلي، فما حدث ويحدث مؤخرًا. أقصد ما تعرضت له المرأة الليبية خلال السنوات العجاف الأخيرة، في الحقيقة، إنني أتصببُ خجلًا، لذا لن أسهب في (رابعًا) لكنه استحلفني فكتبتُ بدم الكبد عن إيمان الرجل الليبي بقيم العدل والإنصاف والمساواة مع المرأة، أما احترامها، أعني احترامه المرأة، فبيّن وخاصة وهو بلا خجل يهشُّ بعصاته على النساء وهن على أبواب المصارف، تلك الأرحام اللاتي حملته تِسْعًا وولدته وهنًا وأرضعته حجتين حتى طالت لحيته ركبته، لكنها لم تربّه فهشّها بعصاه، بدل أن يهشّ لها ويبشّ.

وبدم الكبد أيضًا استطردتُ، أن الرجل السياسي الليبي أنزل حواء من المنصة وهو الشيخ السياسي أو السياسي الشيخ. قال لها أنتِ لا تصلحين إلا أن تكوني حواء واحدة بين أربع (حوّات)، وقال وجودكِ معنا في قاعة البرلمان يا حواء فتنة سواء تغطيتِ أم لا، فأنا وأنا السياسي المتدين أو المتدين السياسي، لا أملك امتلاك نفسي إن لمحتُ طرف كعبكِ يا حواء. أتراه يا صديقي كان خائفًا على شرفه أم شرفها أم شرف الوطن، ذلك الوطن الذي أوصله هو وهي معًا الدركات مع تحميلي له ضعف الوزر الذي عليها. وبذا فلا لوم إن اقترحتُ على البرلمان تشكيل لجنة للصحة النفسية لأعضائه وأخرى عقلية بدلا من لجان أخرى كانت بابًا للغنيمة.! قد قلتُ لك يا صديقي أن الوجع كله في رابعًا وأربع.!

خامسًا، يؤمن الليبي إِيمَانًا فطريًا بالديمقراطية، تلك التي أوردته عينا حمئة، ولا أدري كيف لإنسان الإيمان بشيء يجهله تمامًا.

سادسًا وسابعًا وثامنًا وو. وفجأة توقفت فقد امتقع وجه صديقي وأربد و أرعد، فقلتُ صادقة أن هناك مئات الآلاف من الرجال الليبين الحاملين لبذور طيبة وشريفة في نفوسهم، مثلك تمامًا يا صديقي ولكنهم نتاج أوضاع سياسية واقتصادية وثقافية إلى جانب التركيبة الحضارية والنفسية والاجتماعية التي تمخضت عبر الأزمان والتي مجتمعة شكلت شخصية الرجل الليبي وعقله الجمعي.

وفي نهاية الأمر يا صديقي اللحوح فإن الرجل الليبي لم يرحل صوب الشمس تاركاً المرأة الليبية أمام خيمتها. فكن هانئًا فهي لن ترَ غيره، فلا مفر إلا إليه فالمصير مشترك يا صديقي. وعندها انفرجت أساريره حتى بانت نواجذه ورأت عيناه أن الفرحة قد غمرت قلب صاحبتكم. وهكذا خُيّل إليه!.