Atwasat

أما عن ليبيا كقاعدة للهجرة فحدث

أحمد الفيتوري الثلاثاء 27 سبتمبر 2016, 10:43 صباحا
أحمد الفيتوري

في تسعينات القرن الماضي:
اللقاء بطرابلس في ميدان السويحلي قرب شارع الرشيد يوم الجمعة عند العاشرة صباحا والحاضر يبلغ الغائب: هكذا حدث متعهد تهريب المهاجرين إلى أوروبا من راغب في الهجرة ودفع الرسوم بالدولار، وفي الموعد يتجمعون وفي المكان حيث يتم شحنهم في باصات صغيرة تنتظرهم وتحت حراسة من الشرطة، يؤخذون إلى ميناء زليتن حينا وإلى زوارة حينا آخر، هناك يقيمون في خرب أو أكواخ صفيح ويقوم المقاول بتموينهم بأقل زاد مع معاملة سيئة، وبعد أيام يشحنون في قوارب بدائية صغيرة إلى مصيرهم العابر للبحر المتوسط، وبقية القصة شهيرة.

في العشرية الثانية من القرن الحالي:
ذات الحال مع تغير طفيف أن السلطة في ليبيا متعددة المشارب فهي غدت سياسية مليشاوية، مع زيادة أن المتعهد الأوربي أمسى له قاعدة على الأرض في ليبيا، وقد لفت نظري هذه الأيام حالات اختطاف الأوربيين والكندي في ليبيا.

حكام طرابلس الغرب الجدد رغم تباينهم فإن شرعهم واحد ما يبيح النخاسة وفي تعددهم واختلاف مشاربهم وجد المتعهد الأوربي مكنة الإقامة

في تسعينات القرن الماضي:
بدأ التهجير للعمالة غير الشرعية من مضيق جبل طارق لتوفير ما تحتاجه أوروبا العجوز من عمالة غير فنية دون التزامات قانونية، وسرعان ما انظم المقاول "زين العابدين باي تونس" حينها في عملية الترحيل عبر الموانيء التونسية ما عرف حينها بـ "ظاهرة الحراقة".

كانت عملية منظمة ومقننة وكما كل عمل خارج عن القانون فإن هذه الظاهرة الحديثة للمتاجرة بالعبيد خرجت عن سياقها، فالحاجة الملحة لأروبا العجوز إلى الشباب تنامت وتاجر العبيد أضحى دولة كما إيالات القرن السابع والثامن عشر لذا انفلت الزمام.

ولأن إيالة طرابلس الغرب صاحبة باع تاريخي في هذا، ولأن تسعينات القرن الماضي كان "العقيد القذافي" يعاني حصارا دوليا فإن باشا قلعة طرابلس وجد المفتاح لاختراق ذا الحصار، ولذا أدخل بقوة نفسه في مسألة المتاجرة العصرية بالعبيد ما سمى قصدا وتمويها بالهجرة، الهجرة ما خرجت علينا فجاءة كما مارد ألف ليلة ولية حين فتح القنينة: فجاءة اكتشف آل أفريقيا أنهم في قنَ وأن الخلاص عند مدى البصر: قارة أوروبا، عاد عبور القارات واتخاذ البحر بالوسائل القديمة البدائية كطريق عبور ممكن.

في العشرية الثانية من القرن الحالي:
حكام طرابلس الغرب الجدد رغم تباينهم فإن شرعهم واحد ما يبيح النخاسة، وفي تعددهم واختلاف مشاربهم وجد المتعهد الأوربي مكنة الإقامة على أرض البضاعة.

أوروبا أنجيلا دور وتيا ميركل الديمقراطية المسيحية -سياسية ألمانية وزعيمة الاتحاد الديمقراطي المسيحي أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا، وتتولى منذ 22 نوفمبر 2005 منصب المستشار في ألمانيا، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب فيها-رفعت شعار دمقرطة التهجير، بالنسبة لميركل فتحت الأبواب على مصرعيها للهجرة الأورو آسيوية، وبالمهاجرين هؤلاء تتجدد دماء ألمانيا العجوز وتمنح طاقة شبابية عاملة، وعند تجاوز الأمر المشروع خرجت أسوار العصور الوسطى التي كانت تحصن المدن لتتحصن بها الدول الديمقراطية الحديثة في مواجهة سيل الهجرة. كما حال كل قوة طبيعية لها قوانينها الخاصة.

استنفدت المهمة الأوربية -التهجير الأور آسيوي-أغراضها وباتت مسألة غير مرغوب فيها فقد فاقت الثمالة، كما حصل مع مسألة قراصنة السفن في القرن الأفريقي، لكن ما بدأ في تسعينات القرن الماضي في "مضيق طارق" لم يستنفد بعد لذا استمرت طرابلس الغرب قلعة التهجير ومن هذا جاء التصريح المجري، والغريب جاء في نفس الوقت الذي يزور فيه القادة الليبيون دول الجوار الأفريقي.

ملحق:
[ -رئيس وزراء المجر يطالب أوروبا باستقبال طلبات اللجوء في ليبيا
- رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان يتحدث أثناء مؤتمر صحفي في العاصمة البولندية وارسو 26 أغسطس آب 2016.
فيينا (رويترز) -قال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان يوم السبت إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي إقامة "مدينة كبيرة للاجئين" على الساحل الليبي واستقبال طلبات اللجوء من اللاجئين الذين يصلون إلى هناك من أفريقيا. وتحدث أوربان ببعض التفصيل عن هذا الأمر بعد قمة دول أوروبا والبلقان في فيينا بشأن أزمة اللاجئين لكنه أردف أن تأثيره الشخصي في مثل هذه الأمور محدود. لكنه شدد على ضرورة أن تكون الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي تحت "السيطرة الكاملة" بما في ذلك حدود المتوسط الذي تمثل فيه ليبيا محطة أساسية. ولليبيا حكومة تدعمها الأمم المتحدة لكن البلد يعاني من فوضى سياسية منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 وانقسم إلى فصائل مسلحة متنافسة.

المسألة الليبية على الطاولة دوليا وإقليما وعربيا وأفريقيا

وقال الزعيم المجري -الذي أثار جدلا بسبب تشويهه صورة اللاجئين وتشييده سياجا من الأسلاك الشائكة بطول حدود المجر الجنوبية العام الماضي-إن طريق البلقان مغلق حاليا وسيظل كذلك. لكنه أضاف أن أوروبا مازالت معرضة للاختراق من الجنوب.
وقال إن ليبيا ومصر شريكتان مهمتان. وأضاف في إيجاز صحفي في فيينا أن "الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى سياسة جديدة بشأن ليبيا." وقال "إن ليبيا منطقة يمكن استخدام شواطئها للإبحار إلى أوروبا بسبب عدم وجود دولة هناك." وقال إنه ينبغي الحفاظ على وحدة ليبيا وتشكيل حكومة ليبية جديدة تشارك في اتفاق تعاون. وقال "من دون الحفاظ على ليبيا موحدة ومستقرة فلن نتمكن من إقامة مدينة اللاجئين الضخمة على الساحل المتوسطي لليبيا."]

- فيكتور أوربان ولد 1963 سياسي مجري يشغل حاليا منصب رئيس وزراء المجر وهو المنصب الذي سبق أن شغله خلال أعوام 1998-2002 وهو حاليا رئيس حزب فيديس: فيدس – الاتحاد المدني المجري من أكبر الأحزاب السياسية في المجر، وكان أساساً حزباً شبابياً ليبرتارياً معادياً للشيوعية، وكان المؤسسون شباباً، أغلبهم طلاب، وكان تنظيمهم سرياً بادئ الأمر كان تم تحديد حد أقصى لعمر المنتسبين بخمس وثلاثين سنة، إلا أن هذا الحد ألغي في مؤتمر الحزب في سنة 1993. وتسمياته القديمة: «تحالف الشباب الديمقراطي» (1988—1995)، ثم «فيدس – الحزب المدني المجري» (1988—1995)، توجد للحزب منظمة شبابية رادفة Fidelitas. وفي الانتخابات المجرية في سنة 2010 حصل الائتلاف بين فيدس وحزب الشعب الديمقراطي المسيحي على ثلثي مقاعد البرلمان بحصوله على 52% من الأصوات، حيث نال فيدس 227 مقعداً وحزب الشعب الديمقراطي المسيحي 36 مقعداً، وفيدس عضو في حزب الشعب الأوروبي. – عن ويكيبيديا بتصرف.

والآن:
أمست المسألة الليبية على الطاولة دوليا وإقليما وعربيا وأفريقيا، والحراك الداخلي يموج ويضطرم في حال المفاجئة والمباغة، وأما المسكوت عنه فبات أكثر بكثير من المفصح عنه في المسألة الليبية، وكان السؤال الليبي الدائم والوجودي: ليبيا إلى أين؟، ليبيا ما تبدو حينا من صغائر الشأن الدولي والإقليمي وحتى العربي، حينا تبدو مسألة المسائل حتى أن ربيعها كان مسألة مجلس الأمن بقرار 1973 وليس كبقية دول الربيع العربي.
ليبيا من طرح جبلها الأخضر في بدء المشروع الصهيوني كوطن ممكن للتهجير اليهودي من أوروبا، ليبيا التي وضع أول سور من الأسلاك الشائكة المكهربة في التاريخ، "سور غرسياني" على حدودها مع مصر لأجل إنهاء المقاومة الليبية المسلحة، المقاومة الفريدة في حينها كما صرح بعض من قادة العالم كلينين وهوشي منة، اليوم تطرح كقاعدة للهجرة في الألفية الثالثة وعن ذلك حدث ولا حرج.