Atwasat

ركن العامرية .. الكبيرة المكبرة

فدوى بن عامر الإثنين 09 مايو 2016, 09:42 صباحا
فدوى بن عامر

في جمعة قريبة ومن على مسرح العظات العظام مثّّل الرجل الهمام دور الناصح الفهيم و صرخ" العنوسة مشكلة مستشرية في مجتمعنا يا أخوة.. عليكم بتقوى الله والتكرم على النساء بالزواج مثنى و ثلاث و رباع .. إنه واجب شرعي لحفظ المجتمع من الانهيار.. إنه الحل لتكدس النساء فتزوجوا يرحمكم الله لتنالوا الأجر (لا لإرضاء الغرائز). و على الأخوات العوانس الرضى فذلك من أفضال الله عليهن وكذ ا (الكبيرة المكبرة).

و يا جدتي أشكوكِ الهُمام فقد قال أنني (الكبيرة المكبرة) وأمرني بالطاعة والتعوّد بنصف رفيق أو ربعه أو أكثر قليلاً، فضربتني جدتي على رأسي بكلمتين و أحرقت البخور وقالت،" تعوّدي أن تفكري".

وانبرى البعض ومن الجنسين، بالقول أن تعدد الزوجات حق مطلق للرجل مثنى و ثلاث ورباع طالما العدل" المادي" بين الزوجات قائم، أما المعنوي فلا يعنينا.! ونفسي تتساءل أهذا رغم الآية الكريمة "ولن تعدلوا" والجملة الشرطية وسياق آية التعدد الكريمة و أشياء أخرى لن أتطرق إليها الآن.

قالوا، نحن أمام مشكلة عويصة، هناك فائض كبير من الإنتاج، أعني العازبات فالحروب قطفت الرؤوس اليانعات و لذا لا مناص من التعدد.

قلنا، قبل القفز على النتائج فلنناقش المقدمات، لعلنا نطالب بإحصائيات لتقييم حجم القضية الفعلي، مثلاً عدد العازبات و أعمارهن مقابل العزاب وأعمارهم، عدد الأرامل الأمهات والمطلقات والمغتصبات، عدد القتلى وغير ذلك الكثير، ولكن لأسباب منطقية لن نطالب بها.

متحججون كالعادة قالوا، لا حل أمامنا للحفاظ على النساء العازبات من الرذيلة إلا بالتعدد..! رددنا، ربما كان الأجدى العمل ما وسعنا على تيسير سبل الزواج للشباب الأعزب الجميل ما يساهم في الدفع بالقضية وبعدها نعيد التقييم بدل البدء بذاك الخطاب الجليل واللعين..!

على الرجل التحكم في عاطفته والتخلي عن"ضعفه" أو"قوته" فيترك العشرينية العزباء للعشريني الأعزب

قالوا، ألا تدركين أنه، كما الرجل، يجب على الليبية التضحية في سبيل الوطن. فأجبتُ مازحة ألا يكفي أنها متزوجة بالرجل الليبي، ماذا بعد هذه التضحية تنتظرون..! فأجابوا غير مازحين، الرضى بضرة أو أثنتين أو ثلاث. فحدثتني نفسي ربما هو العدل و المساواة على الطريقة الليبية، أعني المساواة في التضحية باتت ضرورية دون غيرها فهي واجب وطني تمشياً مع "الموضة"..!

وبقلب موجوع لا يعرف اليأس ورأس مخلوع من هول أخبار التضحية نطق لساني، قد يكون في زواج الليبية بعربي أسمر وطويل ووسيم جداً حل معقول رغم خزعبلات كبيرهم و بعدها ننظر في الخطاب. إلا أن الهلع أصابهم لمصير الهوية الليبية..!! و لن أتساءل عنها وعن ماهيتها ومكانها وزمانها..! و ربما لا يجانبنا الصواب إن قلنا بتلاشيها ومنذ زمن بعيد، هذا إن كانت قد تشكلت منذ الأساس..!

أُوصدت الأبواب يا جدتي وغُلّقت وقالوا لا تفكري بعواطفك، لا مناص من التعدد يا امرأة..! وضربتني جدتي على رأسي بكلمتين وأحرقت البخور وصاحت "تعودي أن تفكري". فلم تجد نفسي حينها بداً مما ليس له بد وهمستُ بقلب مبحوح فليكن!. فهللوا و كبّروا، لكنني استوقفتهم وأوقفتُ حرقة نشوتهم وبابتسامة لن أصفها حدثتهم، قد طلبتم من المرأة التضحية وهي المضحي الأكبر، فلتتمدد التضحية إذاً لتغطي الرجل. فقاطعوني بخبث وقالوا، نعم، سيتزوج المسكين ثانية وثالثة، ولكن اطلبي ما شئتِ فنحن على عجل.

قلتُ، إذاً اسمعوا، إن على الرجل التحكم في عاطفته والتخلي عن"ضعفه" أو"قوته"، فيترك العشرينية العزباء للعشريني الأعزب والثلاثينية العزباء للثلاثيني الأعزب و يثني بأربعينية ويثلث ويربع بخمسينية على أن يكن أرامل أو مطلقات وأمهات لخمسة أطفال ..!

و بهذا سنعينه على العمل لآخرته فيكون له من (الكبيرة المكبرة) النصف أو الربع أو أكثر قليلاً..! و ليعدد حينها ما شاء له و يحوز الدنيا والأخرة بالانصياع لسياق آية التعدد الكريمة. وصكّت جدتي وجهها وأحرقت البخور حينما سمعتهم يهمهمون "فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"..!

وهكذا ساحت فجأة معاني التضحية وذابت مفاهيم الوطنية وتلاشى مشروع إنقاذ الكون من الرذيلة وهوى أمر الهوية الليبية الضائعة في (هوا حجري)..! راح كله مع زبد المتوسط الجميل وتبخر مع بخور جدتي.