Atwasat

ركن العامرية.. ارحموا خلايا أدمغتنا

فدوى بن عامر الإثنين 11 أبريل 2016, 10:54 صباحا
فدوى بن عامر

"يحتاج هذا السؤال لربع خلية دماغية فقط للإجابة عليه، أما هذا فصعب لذا يحتاج لخلية دماغية واحدة كاملة".

يضحك طلابي عند سماع قولي هذا وما أقوله إلا لتخفيف وطيس الدرس ولأسباب أخرى.

أما أنا فقد رماني زماني بمتابعة بعض البرامج على المحطات التلفزيونية الليبية، في محاولات لفهم ما يجري لعلي أدرك أسباب ما كان وربما أتكهن بما سيكون.

اهتياج السريرة وتكدير الطوية ما نابني جراء ارتكاب خطيئة التفكير هذه، وأنا المحافظة جداً على خلايا مخي فلا أرهقها إلا فيما يستدعي، فالتي تموت لا تُعوّض كما أخبرني طبيب خلايا الدماغ. فمن إذاً سيعوضني عن خسارة الملايين التي أهدرتها فلا أنا فهمتُ ما يحدث، ولا حافظتُ على خلاياي المخيّة الثمينة جداً. وكم حسرتي كانت عظيمة عندما استعنتُ بالصديق تلو الآخر لتموت كل خلاياهم المخيّة دون شيء يُذكر.

تابعتُ وسمعتُ رجالاً لا حظ لعقولهم من زينة، هم شتّامون همّازوون مشّاؤون بنميم، أينما ولّوا الوجوه فثمة وجه مصالحهم.

من صنع بلوتي؟.

أنا ذلك الطاعن في السن، المنتحب على أعتاب المصارف منتظراً مالي منهم مِنّة، وأنا تلك المكلومة التي قتلوا زوجها وضربوا كبدها وخطفوه. أنا العجوز القابعة في مستنقعات الخيام لتعوي الكلاب في بيتها. أنا الأم التي فقدت كل أبنائها في حرب غبية كغباء من أشعلها.

الملتحف بالشريعة في السياسة فيرعد ويزبد بفتاوى الموت في ذات الوقت الكذب ديدنه والحياة في الدول العلمانية دينه!

أنا الطفلة التي غاب والدها للأبد ليسكن الحقد قلبها وينمو لتزرعه في جيل من بعد جيل. أنا الشيخ الذي أحرقوا داره انتقاماً من ابنه المقتول بعد أن غُسِل دماغه بالأحماض. أنا رب الأسرة المنكوب، المكبوب على أبواب المخابز بينما زوجتي تلملم ذرات دقيق قد تبعثرت في سلة المهملات.

أما ساستنا، فلعليّ لا أطيقهم، ليس لافتقادهم حس الفكاهة بل لأنهم تجاوزا عمر المراهقة بمئات السنون ولم يتجاوزوا أعراضها بعد. يزعم (البرلمانيون) و(المؤتمريون) و(المجالسيون) والفقهاء وجهابذة القانون وبائعو الملح العمل بالشرعية والشريعة وما هو إلا عربدة في عربدة.

هذا المتمسك بأهداب القانون في بلد اُستحلّ فيه كل ممنوع، وآخر متشبث برتوش الدين لقطع الرؤوس وبتر الأيدي كما في تلك المدينة. أما المتجاهل لكل ذلك فيتغنى بوصلات الجهاد العظيمة وبطولات الأجداد الفخيمة. ولم تتسع حدقة عيني إلا عجباً من جسارته على قتل المزيد من خلايا مخي الثمينة بزهوه الخائب فهو لا يملك من حاضره أو مستقبله إلا زيف ماضيه.

نائب آخر لطالما احترمته أطلّ والوهم يحيطه، يأمر بمزاولة الأعمال من المدينة فالمدينة" آمنة تماااااااماً"! كرر ذلك ما لا يقل عن عشر مرات!.

أما الملتحف بالشريعة في السياسة، فيرعد ويزبد بفتاوى الموت، في ذات الوقت، الكذب ديدنه والحياة في الدول العلمانية دينه! ناهيك عمن بعبير القبلية يفوح، أما الذي أعتمت الانفصالية رأسه فقد غاب عن وعيه فنشر غيه. وهناك أيضاً من بخط أحمر يدندن، ومن في غمام المؤامرة عائم و كأننا كنّا في بناء الوطن منشغلين وتربية العقول منهمكين فلم يرق ذلك لزرق العيون فجأووا إلينا بخراب القلاع و الحصون.

سنتان و كتبة الدستور بلا اجتماع يكتبون ثم يسّودون بلا تصويت ثم ينحتونه على صوان ذاكرتنا بدم القلب وبسلاسة عجيبة باتت جنات صلالة المستقر، فالطريق إليها أقصر على وحي الكتابة.

سؤال غبي يراودني.. ما مدلول أن يكون هناك نائب، سواء برلماني أو مؤتمراتي، واحد لكل خمسة عشر ألف ليبي تقريباً في حين هناك نائب واحد لكل ستمائة ألف مواطن أمريكي!

يالهول الفظائع والفضائح التي مزقت قلبي يا جدتي!. ابتسمتْ بكل وجوم وبلا مواربة قالت" أنتم من أهدرتم خلايا أدمغتكم بعد أن طلقتم العقول ثلاثاً. أبلغيهم السلام و قولي لهم أنتم يا من تجاوزتم عمر المراهقة ولم تتجاوزوا أعراضها. الوطن يريدكم أن تجمعوا له النصاب لا أن تنصبوا عليه. اقترفوا إثم التفكير ولو مرة حتى يكتبها بيضاء لكم التاريخ واقطعوا الطريق على دابر العالقين في غياهب الماضي السحيق". وهتف أناس كثيرون كانوا معها:

"لملموا أطراف هذا الوطن الموتور..لملموه..قبل أن تُلملموا."