لا حل لجميع مشاكل مصر دون تطوير نظام التعليم.. من هذا المنطلق يعول كثير من المسؤولين في مصر على تقدم وتنمية البلاد والارتقاء بها إلى مصاف الدول. وتنفيذا لهذا الإيمان لجأت الحكومة المصرية إلى «التجربة اليابانية» في التعليم من أجل تنمية مهارات الطلاب وتخريج أجيال قادرة على قيادة البلاد نحو المستقبل.

وتعد التجربة اليابانية في التعليم من أنجح التجارب على مستوى العالم، ولذا حرص الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال زيارته إلى طوكيو العام 2016 على إبرام اتفاقية شراكة مع اليابان تهدف إلى إجراء إصلاح شامل بقطاع التعليم المصري بناء على الخبرة اليابانية في هذا المجال والقائمة بالأساس على تفعيل ما يُعرف بـأنشطة «توكاتسو».

و«توكاتسو» نوع من الأنشطة التربوية يقوم على تنمية روح العمل الجماعي لدى التلاميذ، وكذلك تنمية الشعور بالمسؤولية لديهم تجاه المجتمع والبيئة المدرسية المحيطة، وتحقيق التوازن بين الجوانب الاجتماعية والعاطفية للطفل والجوانب الأكاديمية، بالإضافة إلى تنمية روح التعاون ومهارات التعامل مع الآخرين من أجل إعداد شخصية إنسانية سوية ومتزنة.

مصروفات المدارس المصرية - اليابانية قد تتراوح من 2000 إلى 3000 جنيه في السنة

مدارس لجميع المراحل
وتفعيلاً للاتفاق الذي أبرمه السيسي في طوكيو، وقعت وزارة التربية والتعليم المصرية في مارس الماضي بروتوكول تعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي «جايكا»، يتضمن الاستعانة بالخبرة اليابانية في التعليم وبناء قدرات المعلمين وتحسين الإدارة المدرسية في مصر. وفي أعقاب ذلك أصدر وزير التربية والتعليم المصري طارق شوقي قرارًا ينص رسميًا على مشروع بإنشاء مدارس يابانية تطبق المناهج المصرية بجميع مراحل التعليم على مدى سنتين (2016-2018)، كما يتم تأهيل بعض المدارس الحكومية الرسمية (العربي واللغات) لتحويلها إلى هذه النوعية من المدارس تحت ذات المسمى.

المشروع موزع حاليًا على جميع أنحاء الجمهورية ما عدا ثلاث محافظات هي: الأقصر والوادي الجديد وشمال سيناء. وفي تصريح إلى «بوابة الوسط»، أكد مصدر في مكتب الوكالة اليابانية للتعاون الدولي «جايكا» بالقاهرة أن عدد المدارس المصرية التي تطبق النموذج الياباني حاليًا 12 مدرسة بدأت العمل فعليًا منذ عام، مضيفًا أن وفدًا من الوكالة يقوم بمتابعتها بشكل دوري.

تعميم التجربة
وتعتزم هيئة الأبنية التعليمية المصرية إلى اعتزام تعميم هذا النموذج على 100 مدرسة بحلول العام الدراسي 2017-2018، مشيرًا إلى أنه سيتم إنشاء 100 مدرسة أخرى، وبذلك يصبح إجمالي عدد المدارس التي تُطبق فيها التجربة اليابانية 212 مدرسة في أرجاء مصر.

وينص قرار وزير التربية والتعليم المصري على أن يهدف النموذج الياباني إلى «تربية وتنشئة التلاميذ على القيم، والمبادئ الأخلاقية والسلوكيات الإيجابية، وتعزيز انتماء التلاميذ للوطن، وغرس فكر التعاون والعمل الجماعي والقدرة على حل المشكلات وخلق بيئة تعلم جيد»، بالإضافة إلى تحديد عدد التلاميذ في الفصل الواحد بتلك المدارس بواقع 36 تلميذًا، مع عدم جواز زيادة الكثافة المقررة إلا وفقًا لما قرره قانون التعليم المصري في هذا الشأن.

عدد المدارس المصرية التي تطبق النموذج الياباني حتى الآن 12 مدرسة وجار إنشاء 200 آخرين

طريقة التدريس
وفيما يتعلق بالمناهج الدراسية، يوضح مصدر بوحدة المدارس اليابانية في وزارة التربية والتعليم المصرية لـ«بوابة الوسط»، رفض نشر اسمه، أن المناهج لن تختلف كثيرًا عن المناهج المصرية التي تدرس حاليًا، وأن الاختلاف سيكون في طريقة التدريس فقط، وذلك من خلال زيادة الأنشطة والحصص المخصصة وكذلك دمجها في المواد الدراسية بما يسمى «مسرحة المناهج»، بهدف حدوث تفاعل بين الطلبة بشكل أسهل.

وتتراوح المصروفات بين ألفين وثلاثة آلاف جنيه، «وهي لا تختلف كثيرًا عن مصروفات المدارس الرسمية الحالية.. وسيكون أن الشرط الوحيد لالتحاق أي طالب هو السن طبقًا لتنسيق القبول بمرحلة رياض الأطفال من 4 حتى 6 سنوات وأيضًا الموقع الجغرافي»، وفق المصدر.
وحول شكل اليوم الدراسي داخل المدرسة يقول المصدر إنه سيكون أطول من اليوم العادي بـ3 ساعات، بحيث يبدأ طابور الصباح من 7:30 ثم اجتماع في الثامنة بين تلاميذ الفصل الواحد والمعلم يستمر لمدة ربع ساعة للاتفاق على برنامج اليوم، ويدير الاجتماع المعلم وأحد التلاميذ.

تقسيم اليوم الدراسي
ويستمر اليوم الدراسي حتى وقت الفسحة التي تُقّسم ربع ساعة للعب وربع آخر للغداء، مع العلم أن الوجبة تقدمها المدرسة، و10 دقائق للنظافة ثم يستكمل التلميذ اليوم، حتى ينتهي باجتماع آخر لتقييم ما تم خلال ساعات الدراسة ومدى الاستفادة الحقيقية للتلاميذ خاصة فيما يتعلق بسلوكياتهم، ثم ينصرف الطلاب بشكل منظم في طابور.

الامتحانات ستكون وسيلة التقييم المعتمدة في هذه المدارس وستتم بصفة دورية بناء على المهارات الجسمية والفكرية، كما سيجرى تخصيص حافز للمعلمين لتطبيق أنشطة (توكاتسو) وسيكون تحديده مرتبطًا بأدائهم ومدى تفاعلهم، وفق المصدر ذاته.