Atwasat

كاظم نديم.. فنان يختصر ذاكرة «الفن الجميل»

القاهرة - بوابة الوسط: أسماء بن سعيد السبت 08 نوفمبر 2014, 12:29 مساء
WTV_Frequency

في تاريخ الفن الليبي محطات مضيئة، لا نملك إلا أن نقف عندها تقديرًا واحترامًا لمسيرة قد تصيبك بالحيرة إذا ما حاولت الحديث عنها؛ ومن بين هذه الشخصيات الفنان كاظم نديم، الذي لابد أن تسأل نفسك قبل التطرق لتاريخه: من أين أبدأ؟

هل من والده الصحفي محمود بن موسى مؤسس أول جريدة ليبية (الرقيب العتيد - 1908) أي قبل الاحتلال الإيطالي، الذي دفع الثمن غاليًا بسبب مواقفه منه في ما بعد، مما أدى إلى نفيه في تركيا هو وأسرته، أم منذ ولادته في المدينة القديمة في طرابلس؟ أم منذ عودته من منفاه وهو ابن العشر سنوات!

تساؤلات مشروعة تتلاطم في رأسي كموج هادر يتلاعب بسفينة في عرض البحر.. وحتى لا يتيه الربان قررت أن تكون الرواية بلا بداية، هكذا فقط من آخر لقاء لي به في بداية العام 2007 بالمتحف الإسلامي في منطقة سيدي خليفة في طرابلس.

أنور الطرابلسي أم كاظم نديم.. ما الاسم الذي تحب أن أناديك به؟
يفتك ضحكة من الألم الذي كان واضحًا عليه ويستند إلى عصاه ليجلس على كرسي قريب وهو يرد على السؤال بمثله: يااااه «قداش عُمرك أنت؟ الاسم هذا أكبر منك ممكن قبل حتى ما والدك يعرف والدتك» ليسترسل في الحديث وكأنه يغوص في الذكريات ويحدث نفسه: «رغم إني أنحدر من عائلة مثقفة إلا أن الغناء كان ليس من ضمن ثقافتها.

ولحبي الشديد له غنيت بعض الأغاني باسم أنور الطرابلسي وألحان كاظم نديم منها «أنا قلبي تهنى» و«أنا قلبي غيَّر دقاته»، ومجموعة أخرى لا تتحضرني الآن، المهم في هذا الوقت بدأ يلمع اسم كاظم نديم كملحن، وهكذا تدريجيًّا اختفى أنور المطرب وبقي كاظم كملحن لأنَّه لا يصح إلا الصحيح.


المفارقة الغريبة في جزئية عدم قبول الغناء لدى المجتمع أنَّ أول مرة قمت بالغناء فيها كان عُمري عشر سنوات وكنت بصحبة والدي في إحدى المناسبات الدينية، وبالمصادفة كان موجودًا الشيخ قنيوة صحبة العود الخاص به فطلب مني أبي الغناء في حضرته وقال (غني وما تخافش).

فغنيت بعفوية: (راجل محلاه يصلي ويعبد مولاه) وأخد الجميع يردد ورائي وكنت سعيدًا، بعد هذا التحقت ببرنامج ركن الأطفال مع الشاعر أحمد قنابة، حيث لحنت أنشودة وغنيتها. بعدها بدأ مشواري مع التلحين، وأول ما بدأت لحنت الأناشيد الوطنية وهو (وطني ليبيا ولليبيا دمي ولها يهتف قلبي وفمي.. كلما لاح علمها صحت يا ليبيا دومي واسلمي).


ويتابع: «في العام 1944 أصبحت مدرسًا، كأول المدرسين في وقتها، وكان لي الشرف أن أكون مع اسماء معروفة مثل الشيخ علي سيالة وبن معروف ومحمود المسلاتي، ولحنت غيره من الأناشيد الكبيرة، ثم خضت برنامج الهواة، حيث كنت أعمل في المدارس وأجمع 200 صوت من مدارس مختلفة حوالي 20 صوتًا من كل مدرسة وأجمعها نهاية العام الدراسي. ووحدت لهم الزي.

ويتم تعييني بعدها رئيس النشاط المدرسي على مستوى ليبيا. وهذه فترة مهمة جدًّا في مسيرتي الفنية لأنها أتاحت لي زيارة معظم المدن والقرى والصحراء الليبية، بعدها درّست في عدة مدارس ثم انتقلت رسميًّا إلى الإذاعة في العام 1957 ، وكنت من أول العناصر التي أسست الإذاعة المحلية وكونت قسم الموسيقى.

وكانت مهمتي اكتشاف الأصوات منها صوت جاري وصديقي محمود الشريف، ثم لحنت القصائد العربية، ثم مثلت العديد من المسرحيات، وذهبت في بعثة لدراسة الإخراج في روما وتحصلت على شهادة وأسست المسرح الوطني، وهكذا كنت ما بين المسرح والتلحين والغناء حتى تقاعدت في سنة 1985».


قبل التقاعد والمشوار الطويل، هناك بعض محطات تجاوزناها دون التوقف عندها والحديث عنها.. فهل تسمح لنا بالرجوع إليها؟
في لحظات عاد له نشاطه وكامل قوته وقال: فضلي ، من أي محطة تريدين العودة؟

برنامج ركن الهواة، ألا يستحق التوقف عنده؟
قال: «نعم بالتأكيد. أصبحت رسميًّا مشرفًا على البرنامج في بداية الستينات وكان له الفضل في اكتشاف العديد من الأصوات التي ذاع صيتها في ستينات وسبعينات القرن الماضي؛ مثل محمد رشيد وخالد سعيد وراسم فخري ومحمد السيليني وعباللطيف حويل وعلى القبرون ومحمود كريم وأحمد كامل، وللعلم ظهر البرنامج مرة أخرى في الثمانينات كبرنامج تلفزيوني ولكن لم يحقق النجاح الدي تحقق بالإذاعة. ممكن لأن الأذن تعشق قبل العين أحيانًا».

علاقتك بالتلحين
«نعم فبعد أن كنت رئيس قسم الموسيقى بالإذاعة لحنت بعض القصائد بالفصحى، فأنا تخصص لغة عربية، وأول قصيدة لحنتها كانت لأبي القاسم الشابيّ، بعنوان (صلوات في هيكل الحب) ومطلعها يقول:
عذبة أنت كالطفولة.. كالأحلام كاللحن وكالصباح الجديد

ثم لحنت لرفيق المهدوي (مصالحة بين حبيبين)، أيضًا الشاعر نزار قباني قال لي حرفيًّا (يشرفني أن تلحن لي هذه القصيدة)، ويقول مطلعها: هذا الهوى ما عاد يغريني فلتستريحي أو تريحيني.. إن كان حبك في تقلبة ما قد رأيت فلا تحبيني.
أيضًا لحنت (المستحيل) لعبد الوهاب البياتي».

كاظم نديم والمسرح
«بعد رجوعي من روما، والتي درست فيها الإخراج المسرحي والتلفزيوني أسست المسرح الوطني في العام 1966، وأصبحت مديرًا له لعدة سنوات، وأسست فرقة للتمثيل والتي اكتشفت من خلالها ممثلين مهمين منهم شعبان القبلاوي ولطفي بن موسى، للعلم قبلها وفي العام 1944 أسست فرقة مسرحية تابعة لنادي الاتحاد بعدها أست الفرقة القومية للتمثيل والموسيقى العام 1951، ومثلث عدة مسرحيات منها: (طارق بن زياد) سنة 1947 و(الفرسان الثلاثة) ومسرحية (قاتل اخيه) و(جناب المفتش) و)نكبة البرامكة).

علاقته بالفنانين الليبيين
بدأت علاقة كاظم نديم بالفنان سلام قدري في العام 1952م مع افتتاح الإذاعة الليبية، إذ قدَّمه من خلال أغنية لحنها له وهي (حبيت ما أقدرتش أنبين حبي خايف لتهجرني تحطم قلبي)، ومنذ ذلك الحين انطلقت أغاني سلام قدرى باسم مستعار مشتق من أسمه الصحيح - عبد السلام الجزيري - وكان اختيار الاسم من قبل نديم.

كما غنى من ألحانه مجموعة أغانٍ مميزة منها (ماحر داي) و(نسمع ع الحب) و(سألنا عليك قالو مسافر) و( سافر مازال)، من كلمات عبدالحميد الشاعري و(نقشه حلو)، من كلمات علي السني و(قابلتني وردة) وأغنية (أنت عفيفة) من كلمات مسعود بشون وأغنية (انا عشقت الزين ).»

أيضًا له أغنية قدمها الفنان الراحل خالد سعيد في بداية مشواره مع الموسيقى والنغم كانت أغنية (بيناتكم ياساكنين الحارة) والتي سجل من خلالها اسمه كمطرب بالإذاعة المسموعة. كذلك الفنان محمود كريم الذي غنى له قصيدة (لا تحبيني) كلمات نزار قباني.

وأيضًا الفنان محمود الشريف غنى له عدة أغانٍ منها (مبهى بنت الريف)، من كلمات محمد الورفلي، وأغنية (بعهد الهوى والحب) و( يا خاطري) و(علي بابكم) من كلمات أحمد الحريري.

والفنان نوري كمال غنى من ألحانه أغنية (الشرشارة) من كلمات محمد حقيق والفنان محمد السيليني غنى له (يا حنينة عا لعيلة) من كلمات علي جمعة، والفنان عبدالله المشاي كانت بدايته أيضًا في عالم الفن من خلال الغناء مع الفنان كاظم نديم. ومن الجيل الجديد؛ مصطفى طالب الذي غنى من ألحانه (لما ناداني). وصولاً لجيل خالد الزواوي والشاب الجيلاني.

علاقة نديم بالفنانين العرب
أهدا كاظم نديم الفنانة التونسية وأستاذة الموسيقى نورة أمين أغنية تقول (يا طيف في وسط العيون أنشيلك)، وأيضًا غنت له الفنانة التونسية عُليا أغنية بيناتكم يا ساكنين الحارة عندي غزيل راح فيه أمارة) وهي من كلمات علي السني، وأيضًا أغنية (أمرني الحب حبيتك) من كلمات عبد السلام زقلام، كما غنت له نعمة (قمري يا يمه كل ليلة يطلع) من كلمات مسعود بشون.

وغنت له الفنانة التونسية الكبيرة زهيرة سالم (يطول الليل) وأيضًا غنت له الفنانة اللبنانية ليلى جمال (أسعد ليلة» من كلمات السيد محمود وأغنية (يا ريت نتهنى)، وغنت له أيضًا المغربية نعيمه سميح (يا عيني علينا) من كلمات عبد السلام زقلام، بالإضافة لعدة فنانين مثل هاني شاكر وسوزان عطية وأصالة، أما الفنان صابر الرباعي فغنى له أول أغنية الفها الفنان كاظم، وغناها على لحن السامبا.

بالإضافة للعديد من الفنانين العرب الذين تنكروا لأي تعاون ليبي بمجرد شهرتهم وهؤلاء تحفظ هو على ذكر أسمائهم.
في 27 يونيو 2007 غادرنا كاظم نديم جسدًا ليظل حاضرًا روحًا وفنًا وجيل وراء جيل سلمهم الراية فحافظوا عليها لإيصالها لأجيال قادمة تتشرب عراقة الفن الليبي الأصيل.

• المعلومات التي نُشرت على لسان الفنان كاظم نديم كانت من لقاء صحفي هو الأخير كان لي شرف محاورته فيه ونُشر في جريدة «أويا» حينها.

كاظم نديم.. فنان يختصر ذاكرة «الفن الجميل»
كاظم نديم.. فنان يختصر ذاكرة «الفن الجميل»
كاظم نديم.. فنان يختصر ذاكرة «الفن الجميل»

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
كتّاب ليبيا يشاركون فى معرض تونس الدولي للكتاب
كتّاب ليبيا يشاركون فى معرض تونس الدولي للكتاب
بيت إسكندر يحتفي بالذكرى الخامسة لتأسيسه
بيت إسكندر يحتفي بالذكرى الخامسة لتأسيسه
نقابة الممثلين المصرية تمنع الإعلام من عزاء «السعدني».. وتعتذر للصحفيين
نقابة الممثلين المصرية تمنع الإعلام من عزاء «السعدني».. وتعتذر ...
انطلاق فعاليات الدورة الـ14 لمهرجان مالمو للسينما العربية في السويد
انطلاق فعاليات الدورة الـ14 لمهرجان مالمو للسينما العربية في ...
جلسة وجدانية حول «زياد علي» في مركز المحفوظات الأربعاء
جلسة وجدانية حول «زياد علي» في مركز المحفوظات الأربعاء
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم