Atwasat

حديث السكن والألفة 21- كذبة بيضاء جدًا

حنان عبدالرحيم الإثنين 18 ديسمبر 2017, 12:23 مساء
حنان عبدالرحيم

الرجال ابتلوا على المرأة بوصمها بالضعف، والمرأة قبلتْ هذا الابتلاء، ولم تهتم بتفنيده، مستفيدة منه منذ بداية الحياة. ولكن العلم فند هذه الأكذوبة، وبدأ يكشف قوة المرأة في مختلف مناحي الحياة، وكيف أنها استفادت منذ أن أوهمت الرجل، وهي في الكهف أنها لا تستطيع أن تقتنص دجاجة لأن الأسد، وكذلك التمساح متربصان بها، منذ اليوم السابق عند النهر، من بعد عادت له بمياه الشرب، ونبهته إلى أن الدناصير تفضل لحم الأنثى لطراوته.

هكذا زرعت فكرة ضعفها في الإنسان القديم، ولم تلغِ هذا الابتلاء حتى بعد أن واجهها علماء الفسيولوجي، في جامعات العالم، بحقائق تفند فكرة ضعفها وتؤكد قوتها، لأنها استخدمت معلومة الضعف، لتتواصل فكرة "مهيضة الجناح"، لأسباب نعرفها نحن معشر النساء، ولا أنوي الخوض فيها حتى لا تغتالني بنات جنسي لأنني وشيت بسرهن. أنا أشهدكم أنني لم أبتدع شيئا من عندي، وإنما أنقل لكم ما يقوله العلم:

السجلات تبين أن النساء يعشن أطول من الرجال بمعدل أربع سنوات، وغالبا ما يكون الفرق بينهما عندما يتزوجان أربع سنوات وهكذا تكون المرأة تعيش 8 سنوات بعد الرجل. والسبب يكمن في نتائج كذبة الرجل حول ضعف المرأة ناهيك عن تكوينها البدني، فالتكوين الكيمائي الحيوي جعلها أكثر مقاومة للأمراض، فلديها هرمونات جنس أكثر، وكالسيوم، ونتروجين أكثر، وكذلك كرات دموية بيضاء أكثر.

والأكثر والأخطر من ذلك، أن الأزمات تصيب الرجل أكثر مما تصيب المرأة، وتؤثر فيه أكثر مما تؤثر في المرأة. وهو أقل قدرة على مواجهة عملية جراحية، بسبب تكوينه البدني والنفسي الأضعف، وكذلك كثرة ما تواجهه مصائب الحياة بتقلباتها من خسائر في أمواله، أو مركزه المهني، وأيضا خيبات نهاية نشاطه الجنسي الذي في الغالب يسبق المرأة. الرجال هم من يسطرون الملاحم، ويموتون من أجل القضايا، ويشنون الحروب، وفي الوقت الذي يقدمون فيه الرياضيين والمبدعين يقدمون أيضا المجرمين، ويستهلكون أنفسهم في الحوادث والانتحارات، والمضحك أن نسبة رواد المستشفيات العقلية، من الرجال، هي أكثر منها عند النساء.

والرجال يموتون أصغر سنا من النساء بسبب الجهد الذي يبذلونه للتقرب من النساء، وهن يتطلعن دائما لمستوى اجتماعي معين ولكن الرجل هو من يدفع من سنوات عمره ليتحقق للمرأة هذا المستوى.

ولأننا رأينا أن فرق سنوات العمر بين الرجال والنساء، فعلينا، إذن، أن نصدق الإحصائيات التي تقول أنه لو جمعنا الأرامل والمطلقات، مع من لم يتزوجن سنجد أن ثلثي النساء يعشن فوق الخامسة والستين من دون أزواج، وتصل استنتاجات هذه الإحصائيات إلى أنه لنتجنب بقاء "السيدات" من دون رفقة رجل من بعد هذا العمر - 65 سنة - على الرجل أن يتزوج امرأة أكبر منه بأربع سنوات، وهذا كما ترون ابتكار نسائي أيضا؛ إن هذا الدهاء لا يصل إليه سوى مخلوق ولد مرفها، وعاش مرفها، همه على الدوام في رأس غيره!

والمرأة كائن له من الصفات التي لم ولن تتوفر لرجل أبدا، فمن من الرجال يستطيع أن يتكلم وينصت، في الوقت نفسه، إلى حديث مجموعة من النساء اجتمعن في لمة مولودة جديدة، ومن من العلماء يستطيع اكتشاف حقائق الحياة في ساعتين وهي تتجول للتبضع في مول العرب، وأقل زمن تمكن فيه عالم - ذكر- من معرفة حقائق الحياة كان عمره كله.

الخلاصة أننا نقرر جميعا ما نريد، ونثابر باقتدار على نيله، ونعرف متى نواجه، ومتى نتراجع، ومتى نتأسف. ولعل الحركات النسائية التي تقوم بها المرأة، الآن، في اليابان للعودة إلى وضعها الطبيعي والابتعاد عن المجالات التي خص الله بها الرجال خير دليل على ذلك.

إننا مخلوقات، حبانا الله بالكثير، ونقدم الكثير، ونمنح من أجسادنا لأبنائكم الكثير، لذلك على من يريدنا أن يمنح الكثير، ولا يفتش عن "كذبة " بسيطة قالتها أمنا حواء لرجلها الجسور الشهم آدم، ليترك الكهف الدافئ ويعود لها لية شتاء بتفاحة من عند الأفعى، ومن دون أن ينسى عقد الفل، أو الوردة الحمراء.