Atwasat

وماذا عن الفلاشا...؟

آمنة القلفاط الإثنين 04 ديسمبر 2017, 09:01 صباحا
آمنة القلفاط

ارتفعت الأصوات الشاجبة والمنددة بعد ظهور الشريط الذي بتثه قناة CNN، وكان أكثرها حدة وتفاعلاً مع الحدث الصوت الفرنسي. وصف الرئيس إيمانويل ماكرون المشهد بأنه جريمة ضد الإنسانية، وسارع للمطالبة بعقد جلسة لمجلس الأمن للتباحث حول القضية وبحث العقوبات اللازمة، وفي جولة الرئيس الفرنسي هذه الأيام إلى عدد من الدول الإفريقية كان ملف تهريب البشر وأسواق النخاسة في ليبيا هما الذريعة التي حملها معه، عارضاً تشكيل قوة أوروبية ـ إفريقية مشتركة للتصدي لهذه التجاوزات.

عاونت حكومة الوفاق الليبية مع أطراف عديدة من بينها الاتحاد الأوروبي للحد من تدفق أفواج البشر، كما أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وعديد المنظمات الدولية تشرف على أماكن احتجاز المهاجرين وتخضع هذه المراكز للمراقبة الدولية دون وجود عراقيل

حظيت قضية الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط باهتمام دولي واسع بصورة مستمرة. تعاونت حكومة الوفاق الليبية مع أطراف عديدة من بينها الاتحاد الأوروبي للحد من تدفق أفواج البشر، كما أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وعديد المنظمات الدولية تشرف على أماكن احتجاز المهاجرين وتخضع هذه المراكز للمراقبة الدولية دون وجود عراقيل تزيد نسبتها عما يحدث في مراكز تواجد المهاجرين في دول عديدة ومنها بوابة لاشابيل في فرنسا مثلاً.

ردة الفعل بعد عرض الشريط المصور كانت عنيفة ومنددة وكأنها تبحث عن ذريعة بأوصاف محددة. لم يتم التحقق من مصداقية الشريط قبل المطالبة بالتحقيق عما جاء فيه، ناهيك عن التنديد والشجب. انتشرت القضية بشكل سريع وواسع ووُوجهت بتنديد دولي دون النظر إلى ماهية الإجراء المتبع في مثل هكذا قضايا. استند الشريط على مجهود فردي من الإعلامية التي تقول في الشريط نفسه إن العملية بعيدة عن المدن وهي بحثت كثيرا حتى أمكنها التصوير خلسة، وهذا ما يؤكد سعي الصحفية للسبق الإعلامي. تبدو وجوه الأفراد المعروضين للبيع، كما جاءت في التقرير، ضاحكة ومنسجمة وراضية عما يجري كما لو أنها متفقة حوله، من حيث التفاوض للنقل من أماكن تواجدهم إلى الشمال الليبي حيث الوجهة المنشودة.

خلط الأوراق والقضايا المتشعبة التي تعج بها الساحة الليبية لا يخدم أهداف التوافق والسعي لعودة ليبيا إلى الاستقرار

إن خلط الأوراق والقضايا المتشعبة التي تعج بها الساحة الليبية لا يخدم أهداف التوافق والسعي لعودة ليبيا إلى الاستقرار. قضية تهريب البشر والهجرة يعاني منها عدد كبير من دول العالم وهي تحتاج تكاتف الجهود الدولية للوصول لتفاهمات عامة حولها لا يدخل في طياتها استغلال وتوريط دولة ما نتيجة ضعف إمكانياتها. دمج هذا الملف الذي يبدو ملفقاً مع باقي القضايا المتشعبة الموجودة على الساحة الليبية يزيد من تعقيد المشهد ويصعب الوصول للتوافقات التي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا حالياً.

قوافل الهجرة غير الشرعية تمر بالقرب من القاعدة الفرنسية في شمال النيجر وحسب شهود عيان يتم إمدادهم بالمساعدات في طريق عبورهم نحو المحطة الليبية. المناطق التي يمر بها المهاجرون قبل وصولهم لليبيا هي مناطق مكشوفة ومراقبة لكل من الولايات المتحدة وفرنسا اللتين لديهما معاً تواجد عسكري في شمال النيجر. فهل هذا التواجد لا يستطيع منع أو لنقل اتدفق السلاسل البشرية نحو ليبيا، أو لنقل الحد منها، إن أرادتا ذلك؟

إذا كان هناك سوق للنخاسة في ليبيا أليس لنا كبديهة أن نسأل عن امتدادت هذا السوق ومستوجباته؟ ما هي الصفة التي تمنح للشخص المباع؟ وكيف يتعامل المجتمع معه؟ وكيف له التنقل بحرية ضمن مساحات شاسعة خالية من المراقبة دون أن يتمكن من الهرب؟

الهجرة غير الشرعية قضية مصطنعة ومفاتيح تأجيجها أو الحد منها بأيدي المجتمع الدولي. قضية النخاسة أيضاً قضية مصطنعة لترسيخ فكرة فشل الدولة الليبية. بقي أن نعلم أن بعضا من المهاجرين هم من يهود الفلاشا الذين يغادرون الأراضي الأثيوبية في رحلة طويلة نهايتها اسرائيل، وتقوم عصابات التهريب بالتناوب والإشراف عليها عبر عدة بلدان حتى المحطة النهائية. يهود الفلاشا هم على قائمة المهاجرين غير الشرعيين الأغلى سعراً في فاتورة إيصالهم والتفاوض بشأن ضمان سلامة وصولهم. فهل يمكن اعتباره نخاسة أيضاً؟