Atwasat

حديث السكن والألفة (13) أفكار تعيد السعادة والمحبة والهناء

حنان عبدالرحيم الإثنين 23 أكتوبر 2017, 09:48 صباحا
حنان عبدالرحيم

حدثني زوجي عن صديقه، الذي كلفته مزحة ثقيلة أسورة ذهبية بستين جنيها، أيام كان متوسط مرتب الموظف عشرة جنيهات. قال أن صديقه هذا خطر له أن يقلد أحد ممثلي السينما المصرية أيام أفلام الأبيض والأسود، عندما عاد إلى بيته متأخرا فقابلته رفيقته مستاءة من عودته المتأخرة. أجابها متصنعا جدية وقال لها على طريقتنا الليبية: "كساد.. بصراحه لست مرتاحا" لم تقل له شيئا، ذهبت إلى غرفتها، وظل هو في مكانه ينتظر كالعادة عشاءه. ولما طال انتظاره، لحقها فوجدها قد نامت. في اليوم التالي اكتشف أنها غادرت إلى بيت أسرتها. لحقها ولكنه لم يرها، أخبره والدها أنها (حرجانه) واقترح أن يتركها كم يوم، وضح خلالها الأمر لوالدها، ولكن الكم يوم كانا ضرورة، ولم تعد إلى بيتها إلا بعد أن أنصفها بالأسورة مثلما كانت التقاليد في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

يحدث، أحيانا، بين الزوجين فتور أو ملل، قد لا يجد الزوجان له مبررا. ويتحاشيان مناقشته. وهذا خطأ كبير. لأن الأسلم أن يفصحا عن تعاستهما لبعضهما البعض. على أحدهما أن يبدأ بحديث جدي عن المشكلة، وغالبا ما تنفرج أسارير الطرف الآخر فلقد وجد الفرصة ليقول ما يزعجه. غير أنه يتعين أن نحسن انتقاء الكلمات التي تساعد على طرح الموضوع ومعالجته، فمن الخطأ أن يقول الشريك: "أحس أنك بعيدة عني هذه الأيام". ولكن الصواب أن يقول: "ماذا حدث لنا؟. أحس أننا بعيدون، ونحن لم نعتد على هذا البعد". مثل هذه العبارة الرقيقة تجنبك ثمن (النّصفه) فانتقاء العبارات أمر مهم.

طرح السؤال من أحد الطرفين على الآخر، بود وهدوء وابتسامة: "ماذا تقترحين أن أفعل لك حتى نعود مثلما كنا" مثل هذا السؤال يفي بالغرض، فذلك يعني أنك مهتم بها وتتطلع إلى أن تنال رضاها، وهو أمر بالمناسبة يفرح الزوج أيضا إن هي وجدت الشجاعة وبادرت بالسؤال.

المواظبة على التحدث، من دون ثرثرة، الخبراء ينصحون بألا تجلسا من دون ابتكار موضوع للحديث، دع شريكك يحكي عن كل ما يخطر بباله، ولاتسخر من أي موضوع يطرحه شريكك. إن الحديث موصل جيد للارتباط والتعاطف وهو يقود في النهاية إلى تفاهم واستكانة والإحساس بالشريك. فلا تتوقف عن التحدث وامنحه وقتا أطول للاستماع. الإنصات لشريكك أفضل ما يقدم له شجعه أن يحكي. اسمعه وتعاطف معه؛ اجعله يحس أنك تتفهم مشكلته أو تسعد لبهجته أو مناسبته.

تطويق الكتف والإمساك باليد والحنو هي ملامسات لها الأثر الكبير في الإحساس بأن الآخر قريب طوال الوقت، لا يرتبط اقترابه بسبب الحاجة لخدمة ما، او إعداد وجبة غداء أو عشاء وكوب شاي أو فنجان قهوة. الحياة الطبيعية أن تكونا دائما معا والملامسة أمر غاية في الأهمية.

وفي النهاية تذكر دائما أن نظام الكون يعتمد على الطاقة ويختل، مثلما تقول الفيزياء، تدريجيا وهو يفقد طاقته. وهذا القانون ينطبق على الحياة الزوجية التي تختل ما لم تغذَّ بالطاقة، التي نلخصها في الأمور الحياتية الإنسانية، وهي التفاعل مع الإنسانية بالحديث والتفاهم والشكوى والاستماع والتعاطف، كلها تجعلك جزءا من الكون تمنحك وتأخذ منك طاقة، فنحن مولودون بها، فيها محرك الحياة. ابحث عما يمنحك الطاقة وإن لم تجده ابتكره بنزهة، فجلسة تحت شجرة زيتون أو خروب أو سرو وإبريق الشاهي فوق النار والاستمتاع برائحة السكر المحروق والنعناع أو البردقوشه كفيلة بشحنك. راقب نصفك الآخر وهيو ينظر إلى أطفالك بحنان ودفء. عندها ستعود إلى بيتكما بطاقة متجددة، ويفيض بيتكم بأنوار الفرح.