Atwasat

حديث السكن والألفة.. نواقيس التحذير في الحياة الزوجية

حنان عبدالرحيم الثلاثاء 17 أكتوبر 2017, 11:49 صباحا
حنان عبدالرحيم

يصعق، أحد الزوجين مستغربا من أحداث مفاجئة أو قل توافه تتطور بسرعة وينتهي الأمر بطلب الطلاق، بل وبسرعة تنفيذه.

الواقع مثلما تقول الدراسات ليس هناك توافه أو سلوك مفاجئ، فلقد سبقت هذا السلوك إشارات لم ينتبه إليها أي من الطرفين، وهي كبذور شيطانيه تنبت وتترعرع وتكبر في الخفاء حتى تحجب الرؤية وتخنق المحبة وتدمر الزواج. باحث في الشئون الزوجية قام باختبارات تناول العديد من حالات الانفصال ليصل إلى مجموعة من الإشارات تشي بأن هناك بذرة يتعين نبتة طفيلية بان ساقها واخضرت أوراقها وعلينا أن نستأصلها من قبل أن تتأصل جذورها وتخنق جذور المحبة من تحت السطح في غفلة منا.

فما يراه الزوج من فتور لا ينبغي أن يفسره وفق هواه ولكن من معرفته من الزوجة نفسها

إن شبهناه بالنبات الطفيلي هو إشارة خطيرة ويتعين علاجها. لقد لخص الباحث الإشارات أو نواقيس التحذير في نطاق نلخصها في التالي:

1- يقع الزوجان في الحب قبل أو بعد الزواج. وتصبح حياتهما فرحة متصلة، يستمتعان بأوقات مرح سعيد. يتمازحان ويضحكان بود وهناء. ولكن مشاغل الحياة وظروفها، ومتطلبات الأطفال، والحالة الاجتماعية وظروف العمل ثقيلة يعود معها أحدهما منهكا يغلبه التعب والضجر فتقل الابتسامات وينعدم الضحك. ذلك مؤشر خطير يتعين الانتباه له ومعرفة أسبابه وعلاجها، وذلك لا يتم إلاّ بالمصارحة والمكاشفة. فما يراه الزوج من فتور لا ينبغي أن يفسره وفق هواه ولكن من معرفته من الزوجة نفسها، والأمر ينسحب على الزوجة نفسها. أحيانا تكون المشكلة مجرد نقد فسره أحد الطرفين بغير حقيقته، أو حاجة إلى طلب شيء يترفع أحدهما عن طلبه. الخلاصة، ينبغي أن نتتبع أسباب قلة المرح الأسري خصوصا بين الزوجين عندما يختليا بنفسيهما. تقول زوجة شملها البحث أن زوجها يدخل البيت منهكا من عمله أحيانا يستلقى مباشرة أمام التلفزيون، من دون أن يخلع جوربه مع حذائه مثلما اعتاد بمدخل البيت، وأنتبه أنه لم يشم رائحة الطبق الذي يفضله، والذي أعددته له، وعندما أقترب منه متسائلة، يعتذر بأن ذلك بسبب العمل أو تطاول رئيسه عليه، أو كثرته، فأقدر حالته وأحاول أن أخفف عليه، ولكنني أنفجر غاضبة إن اتصل به أحد أصدقائه، فتظهر السعادة عليه وتعلو ضحكاته، ولا يطول الأمر حتى يتحجج بالخروج لمقابلته، أوافقه على مضض، غير أن تكرر مثل هذه الحالة أصبح يفضي إلى غصة أحس أنها تتنامى بدرجة كبيرة. وهذا مؤشر خطير. فإما أن تكون ثمة رفقة سوء زينها رفيقه هذا، أو أن ثمة شيئا تقومين به في بيتك يزعجه، أو تكونين أنت السبب المباشر.

وعموما ينبغي أن أقول لكم أنني أعرف أن مثل هذه الحالة قد يعاني منها الزوج أيضا، فثمة زوجان أعرفهما جيدا، تفاقمت مشاكلهما بعد زواج استمر 36 سنه والسبب أن الزوجة تتحجج يوميا لزيارة ما لبناتها أو أبنائها أو صديقاتها، وعندما تتعذر مثل هذه الزيارات تختلق عذرا وتقضي فترة العشية بمقهى أو منتجع رفقة صديقاتها فارضة على أحد أبنائها أن يأخذها ويعود بها.

ما ننتهي من وجبة الغداء، حتى يمسك بـ (الريموت كونترول) ويأخذ في البحث عن أخبار الحروب والقتال والموت والدمار

وعندما تدخل الأبناء لمعالجة الحال بعدما وصل حال والديهما مداه، معتقدين أنها هي السبب اكتشفوا أن والدهم هو السبب. فلقد قالت لهم ما ننتهي من وجبة الغداء، حتى يمسك بـ (الريموت كونترول) ويأخذ في البحث عن أخبار الحروب والقتال والموت والدمار، لا أغنية مفرحة ولا مشهد فكاهيا ولا ذكر الله. لا شيء مفرحا على الإطلاق. أما لو شكت له من كتفها أو يديها أو أي حالة من حالات الشيخوخة ينهرها قائلا: "الليل كله وأنا أتقلب بجانبك من الألم الذي تشتكين منه.. وأنت تشخري. أصمت وأنت دائمة الشكوى". أخبروني ما يرغمني على قضاء بقية أماسيَّ المعدودة مع النكد؟. لم نعد حتى نحكي مع بعضنا البعض.. كما لو أننا عشنا هذه السنوات من دون ذكريات". والواقع يقول أن الحق معها فالحياة متصلة بأحداثها ومشاكلها وأفراحها وذكرياتها ومهمة الذكريات هي استرجاع اللحظات السعيدة والعيش معها ثانية.


المؤشر الأول، إذن، هو غياب المرح والسعادة وعدم رؤية الحال برؤية مشتركة. فالرؤية بأربعة عيون أفضل من رؤية بعينين فقط .