Atwasat

حديث السكن والألفة (12) - الثقة الكاملة والمصارحة والمكاشفة

حنان عبدالرحيم الإثنين 09 أكتوبر 2017, 10:40 صباحا
حنان عبدالرحيم

قرأت رسالة كتبها صديق لابنه يصف فيها صديقه. قال: "إنه يراني بعيوني .. " وهذا لب موضوع هذه الحلقة، فرؤية شريك حياتك مثلما يرى المرء نفسه تعني الثقة والمصارحة والمكاشفة؛ إذ لا شيء يتعين أن يكون مخفيا ما بين الزوجين.

في ثقافتنا الليبية هناك مثال غاية في إفساد العلاقة الزوجية، كانت تتداوله جداتنا اللائي حرمن من التعليم، وهو من شقين سأكتفي بالشق الثاني: ".... ولا تقولي له سرك ". انه بالتأكيد سبب لمصائب كثيرة وغالبا تنتهي بالطلاق، فهو يدعو إلى الجفاء وإلى الخداع وهاتان خصلتان مؤذيتان للغاية. فالثقة عامل أساسي في الزواج الناجح، فكيف يستكين المرء مع أحد لا يثق فيه. فمن طرفي المعادلة بمقدورنا أن نفهم ضمنا، عدم الإفضاء بسرك إلى شريك حياتك، في حين تفضي به إلى صديقك مثلا. وهذا مؤشر خطير، يتعين معالجته إن كان هناك نية حقيقية في مواصلة الحياة الزوجية.

اختلاف وجهات النظر يرتبط بنضوج الطرفين، فإن كانا قادرين على استيعاب هذا الاختلاف كان الأمر رائعا

ليس هناك حياة زوجية لا تمر بفتور عاطفي تصل معها العلاقات الحميمية درجة الملل. إن أحس أحد الطرفين بذلك عليه معالجته سريعا وإيجاد سببه، الذي قد يكون مشكلة صحية أو كثرة عمل أو مشاكل عميقة عند ذويه أو تورطه في دين، وكلها أمور يسهل معالجتها إن كانت النية متوفرة ولكن، إن أهملتها وأخفيتها عن شريك حياتك، ثم اكتشفها ستكون مغبتها، بالتأكيد، كارثية؛ أبسطها فقدان ثقة الشريك. قد يغيب الزوج عن موعد عودته إلى بيته لأي سبب ويختلق أعذارا واهية، ويكتشف عدم صدقة فتتزعزع الثقة وفي الغالب لا تعود مثلما كانت، خصوصا إن ثبت أن سبب الغياب أمر منكر.

اختلاف وجهات النظر يرتبط بنضوج الطرفين، فإن كانا قادرين على استيعاب هذا الاختلاف كان الأمر رائعا بشرط ألاّ يؤدي تباين وجهات النظر هذا إلى شجار، عندها يكون هذا التباين خطيرا.

كثرة الانتقاد أيضا مزعجة ما بين الزوجين، وتكون كارثية أيضا، إن ارتبطت بأي سخرية أو معايرة حتى لو كانت على سبيل المزح لأنها في الغالب، تهز جذور الاحترام، لأن المساس به مدمر للعلاقات الأسرية. فالمحبة والود يتعين أن يرافقهما احترام شديد، وإن غاب الاحترام غاب طعم الحياة الأسرية الناجحة. وكثرة الشك وقلة الاحترام منبهات قوية تشير إلى شيء غلط يتعين إصلاحه.

من مظاهر الزواج الناجح رجوع الزوجين إلى ذكرياتهما، كصور التقطت في الماضي

من مظاهر الزواج الناجح رجوع الزوجين إلى ذكرياتهما، كصور التقطت في الماضي فالعودة إليها غالبا تسبب في تداعي لحظات سعيدة واسترجاعها يخلق حالة من الرومانسية والبهجة.

عدم الاهتمام بالمظهر مثلما كنتما في البداية هو أيضا مؤشر هام يشي بأن خللا ما قد طرأ ويتعين معرفة سببه وعلاجه. فعدم الاهتمام بالمظهر يوحي للطرف الآخر أن رفيقه لا يتجمل له؛ وذلك يعني عدم الرغبة في لفت انتباهه، ويزداد الأمر سوءأً عندما يهتم بمظهرة بصورة واضحة عند مغادرة بيته لقضاء وقت فراغ بعيدا عن شريكه. على الطرفين أن ينتبها إلى سلوكهما وتقييمه من وجهة نظر الطرف الآخر، وهذا ما يعنى أن تراه بعيونه.

عنصر الاستقلالية في نواح معينةـ وهي غالبا ما تختلف ما بين شخص وآخر- مهمة للغاية، ولكن لا ينبغي أن تتسبب في توقف الطرفين عن المشاركة في اهتماماتهما المشتركة، كزيارة عائلاتهما، مثلا، أو في هوايتهما المشتركة، كأن يتابعا برنامجا يستمتعان به معا. ولكن ينبغي أن نعرف أن الاهتمامات هي دائما في تغير وتنوع ولذلك ينبغي الانفتاح على الجديد وإدخاله في حياتهما، ليستمتعا به معا، ناهيك على أن التعرف على ناس جدد يبعد الملل ويوسع مجالات العلاقات الإنسانية.

غير أن المثابرة على معرفة جوانب جديدة عن الشريك يجعل الحياة متجددة ويحفظها من الركود. ثم إن أروع حالات الحب هو الحلم بمستقبل يضمكما حتى نهاية العمر، ولكن عند الانزعاج من فكرة أنكما ستظلان معا لسنوات طويلة فذلك مؤشر خطير يتعين معه أن تعرفا سبب هذا الانزعاج وتعالجاه.

مثل هذه الأمور هي إشارات مهمة، ويتحتم على الشريكين أن يهتما ببعضهما البعض وينتبها إلى الابتعاد عن إهمال بعضهما البعض. ولتحقيق ذلك ثمة نصائح سنتناولها في الحلقة القادمة.