Atwasat

حديث السكن والألفة: (6) الرؤية بعين الآخر

حنان عبدالرحيم الأحد 27 أغسطس 2017, 11:30 صباحا
حنان عبدالرحيم

الاتفاق الفريد الذي وضعته الغرفة الملحقة التي ابتدعها قاضي محكمة لوس أنجلوس العليا، (روجر ألتون) يعد فريداً في نوعه يوقعه الزوجان بعد التصالح وبمقدور المتضرر تنفيذه بالإكراه، من بعد موافقتهما عليه، ولكن نادراً ما حدث ذلك، بل ونادراً ما لجأ إليه من خرج بالتوافق من تلك المحكمة. ذلك لأن قيمته الحقيقية تكمن في الإدراك والفهم الحقيقي للسكن والألفة، بنوده مكتوبة بلغة بسيطة في 27 صفحة يتناول كل ما قد يتسبب في تفاقم أزمة الزوجين، وإليكم بعض من بنوده:

- يوافق الطرفان على ألا يتعاملا بالصمت.
- يوافق الطرفان على ألا يحقدا على بعضهما البعض.
- يتعهدان ألا يأويا إلى فراشهما إلا بعد أن يبذلا جهداً حقيقياً في تسوية خلافاتهما.
- يتعهدان ألا ينسيا كلمتين: "أنا آسف".
- بذل الجهد والرقة والتفاهم والحزم والذكاء والحب والصبر في معاملة الأطفال.
- ألا يتشاحنا أمام الأطفال.
- نوافق على تشجيع كل منا الآخر ولا نسخر من منجزاته وأن نتقبل مقترحاته دون استثناء.
- أن يتفقا ألا يكون اتصالهما عرضياً وعادياً، وألا يعرضاه للضجر والملل. وألا يصلا به إلى حالة الأنانية.
- أن يتفهما ويتوافقا على التوازن الصائب في علاقتهما الحميمية.
- أن يبذلا جهداً صادقاً في الاهتمام بأعمال وهوايات ومناشط شريكه، فالزيجات الناجحة هي تلك التي يعمل فيها الزوجان معاً ويلعبان معاً ويضحكان معاً ويصليان معاً.

لقد أثبت هذا الاتفاق فاعليته، وقال بعض الموقعين عليه: "كلما أحسسنا أن الأمور قد تسوء ألقينا نظرة عليه وسريعاً ما نصحح مسارنا".

غير أن قاضياً آخر قام بحل فعال للغاية، ذات يوم وجد أمامه زواجاً عمره سبعة وعشرون عاماً جاء به أصحابه ليدفناه حياً، قال له عقله: "لو لم يكن هناك حب وألفة لما استمر هذا الزواج طوال هذه الأعوام"، تفتق ذهنه على فكرة بسيطة، أخذ ورقتين وكتب في كل ورقة السؤال التالي: "كيف هو حال من تزوجك؟ يعني انظر إلى نفسك بمنظار شريكك". أخبرهما ألا يبينا السؤال لبعضهما البعض، وكانت الإجابات سبباً مقنعاً في رجوعهما عن فكرة الطلاق.

فما يعانيه الطرف الآخر وهو الذي انعكس على سلوكه تجاه الشريك، لأنه كان مرغما عليه، بل كان في الأساس بسببه هو. كأن يكون تأخر الزوج في العودة المعتادة بسبب عمل إضافي لتوفير قيمة لشراء هدية لها. وفي حالات أخرى يكون بسبب توقف المرأة عن العمل بسبب ولادة طفل يحتاج إلى رعاية وعناية، أو بسبب دراستها وبالتالي مضاعفة الزوج جهده لتعويض ما ينبغي أن تساهم به المرأة لراحته. فمتاعب العناية بالطفل أثناء الليل والنهار تقلل من اهتمام الزوجة بزوجها، فيصاب بخيبة أمل وهو الذي كان يتوقع اهتماماً أكثر بسبب ما يقوم به من أجلها، ناسياً أن الجهد الذي تبذله والليالي التي تحرَم فيها من النوم بسبب رعاية طفلة أو تحسين وضعهما الاجتماعي هي بسبب ما يراه تقصيراً منها.

والأمثلة كثيرة وكل ما نحتاجه هو أن يقوم الزوجان بفحص الحالة ورؤيتها بعين الشريك. إن الزيجات الناجحة هي التي يكون فيها الإعجاب متبادلاً، والقناعة بأن محاولة كل طرف بالمثابرة على إرضاء الشريك هي في النهاية لمصلحته هو؛ لأنها في النهاية تعود إليه، وعليه يتعين أن نحلل سلوك الشريك قبل إصدار الأحكام، وسنجد، إن كانت ثمة ألفة ومحبة.

إن ذلك في نهاية المطاف لمصلحتنا، وبالتالي لا يكون جزاء الإحسان إلا الإحسان.