Atwasat

بيان باريس.. أسئلة في الدرب

امحمد شعيب الأربعاء 26 يوليو 2017, 07:47 مساء
امحمد شعيب

كتبت منذ أيام أن في «أفقنا» الليبي أملاً، بدأت تتضح ملامحه لمعرفتي ومتابعتي مسيرة الحوار والعملية السياسية في بلادنا، وقد جاء لقاء باريس، الذي نباركه ونعتبره عنوانًا للعقل وانتصارًا له، مؤكدًا رؤيتنا بأن الحوار ولا غيره طريقنا الوحيد لحل الأزمة.

وقد أكد بيان باريس أن وثيقة الحوار السياسي هي القاعدة والمرجعية لهذه المبادرة على عكس ما يدعيه البعض بموت وثيقة الصخيرات، متجاهلين الحالة الوطنية كما غاب عنهم أيضًا قيمة الوثيقة في الساحة الدولية، هذا الخطاب الذي سمعناه وعشنا تنوعاته وتبريراته منذ التوقيع على الوثيقة في ديسمبر 2015 وقد حاولنا بل صارعنا ونبهنا من مغبة ذلك ولكن دون جدوى، مما جعلنا نتذكر ما نردده أحيانًا من أن مزمار الحي لا يطرب وإنما الذي يطرب هو خارج الوطن.

بيان باريس أكد أن وثيقة الحوار السياسي هي القاعدة والمرجعية لهذه المبادرة على عكس ما يدعيه البعض بموت وثيقة الصخيرات

ومع ذلك فالوصول المتأخر خير من عدم الوصول، وعودة للمبادرة، إن صحت تسميتها، ولكي لا نسوِّق حلمًا أو وهمًا لأهلنا لابد من القول إن هذه المبادرة تتطلب آلية تنفيذ وأدوات تنفيذ وهو ما لم يكن بمقدور هذا البيان الذي يعبر عن النوايا أن يتضمنه، غير أننا وقبل ذلك لا نستطيع التغاضي عن طرح السؤال التالي: هل سيواجه السيد المشير معارضة.. وما حجمها وطبيعتها؟

من خلال تجربتنا نظن أنها طيف متنوع ممن يعتبرون خطوة المشير تراجعًا عن مصالح منطقة بعينها أو مهادنة للتيار الإسلامي كما درج عليه البعض، كما قد يعتقد السيد رئيس مجلس النواب أن هذه المبادرة تهدف إلى إبعاده عن المشهد.

من خلال تجربتنا نظن أن طيف متنوع يعتبرون خطوة المشير تراجعًا عن مصالح منطقة بعينها أو مهادنة للتيار الإسلامي

وعلى الصعيد الآخر، نعتقد أن السيد رئيس المجلس الرئاسي سيواجه معارضة تختلف مستوياتها تبعًا لتنوع التيار الإسلامي، وممن يرددون شعارات وخطاب السنوات الماضية، وعودة للمبادرة هل سينجح الطرفان في تشكيل وترتيب آلية للعمل المشترك وعلى وجه خاص في ما يتعلق بالمسار الأمني؟، من ذلك مثلاً تشكيل لجان عمل الملف الأكثر صعوبة وحساسية، الذي بمقدار التقدم فيه نقترب من يوم إجراء الانتخابات.

أما على الصعيد التشريعي فإن المبادرة تواجه انقسامًا حادًّا في مجلس النواب كان هو سيد المشهد على مدى السنة الماضية، وقد حاول أغلب الزملاء والزميلات عبر العديد من المبادرات البحث عن حلول بما في ذلك لقاءات القاهرة، هذا الانقسام (وإن كنت لا أتفق مع هذه التسمية لأنها قد توحي بالتساوي، والأمر غير ذلك على الإطلاق طيلة الفترة الماضية) هو الذي حوَّل المجلس الرئاسي من منتج للحوار إلى طرف فاعل فيه في نظر العالم الخارجي.

نعتقد أن السيد رئيس المجلس الرئاسي سيواجه معارضة تختلف مستوياتها تبعًا لتنوع التيار الإسلامي، وممن يرددون شعارات وخطاب السنوات الماضية

التصور نفسه ينطبق على القيادة العامة التابعة لمجلس النواب، غير أننا حتى لو ارتضينا بذلك، وللسياسة منطقها، فهذا لن يحل المشكلة ومازلنا في حاجة وطنية ليعود مجلس النواب لدوره ومعالجة الاستحقاقات المطلوبة منه، ونحن نعتقد أنه - لو صدقت النوايا- فإننا سنشهد تغيرًا في مواقف العديد من الأعضاء الذين يعبِّرون عن مخاوفهم على الجيش ومكانة السيد المشير، فلا نعتقد أن لهذه المخاوف مبررًا بعد لقائه السيد رئيس المجلس الرئاسي في باريس، إذا صح ذلك فإن هذا يفتح الطريق نحو توافقات برلمانية في كل الموضوعات.

وتبقى كلمة أخيرة لابد من الإشارة إليها، قد يكون لباريس صحوة ضمير، وهي التي مهدت لتدخل «الناتو» وقبلت التوسع في مهمته، وقد يكون البراغماتية السياسية وراء المبادرة، فسيبقى السؤال المهم: هل المبادرة الفرنسية تنال موافقة الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الشأن الليبي؟.. وهنا لابد للأطراف الليبية، لإنقاذ الوطن، من نشاط دبلوماسي نشط للدفاع عن التوافق الوطني.. وفي الختام حفظ الله ليبيا.