Atwasat

فبراير حملت آمالاً لامست عنان السماء

جمال بالنور الإثنين 20 فبراير 2017, 11:13 صباحا
جمال بالنور

لقد وفر نظام القذافي رصيدا متراكما من الأسباب التي كانت وراء ثورة 17 فبراير، وإدارة هذه الثورة وما صاحبها من عنف كان انعكاسا مباشرا للنسق الذي اتبعه هذا النظام فى التعامل معها والتي بدأت سلمية وحملت آمالا وأحلاما ارتفع سقفها آنذاك وانطلقت لتلامس عنان السماء.. إلا أن الانقلاب الناعم الذي تمثل بحشر المادة ثلاثين بالإعلان الدستوري من قبل القائمين على سدة الحكم بالمجلس الانتقالي تحت ضغط أجندة، لم تعد خافية على أحد، فى تلك الظروف والأوقات الحرجة.

وقد تضمنت هذه المادة رسما لمعالم الطريق للمشروع الديمقراطي فى غياب وجود المؤسسات التي تكفل استمراره وحمايته، وفي غياب مقومات المصالحة الوطنية... كان سببا رئيسيا فيما آلت إليه الأمور اليوم.. رحم الله الشهيد عبدالسلام المسماري منسق ائتلاف 17 فبراير المؤسس، الذي تنبأ مبكرا... وحذر مرارا وتكرارا ...من المادة ثلاثين وتوابعها ومن يقف خلفها وعلى أعتابها... كانت له قراءاته التي لم يجانبها الصواب يوما.. وترجمت إيمانا راسخا لديه بقيم ومباديء دفع ثمنها مقدما فداءا لهذا الوطن.

اليوم رغم يقيننا أن الثورات لم تكن هدفا لذاتها أو عملا مقدسا وإنما وسيلة للتغيير ولتحقيق أهداف وغايات سامية.. إلا أنه ما من شك في أن ثورة 17 فبراير ستظل هي نقطة التحول فى تاريخ ليبيا ما بعد الاستقلال، والتي من خلالها تمكن الجميع من الدخول إلى دائرة الفعل بعد عقود طويلة من الجمود والموت المعلن.. بغض النظر عن صراع السلطة القائم اليوم الذي فجره التيار الإسلامي فى مرحلة ارتباكه وتيهه، وفقده لمرجعيته، وبحثه عن ذاته من خلال إقصاء الآخرين وتكفيرهم وقتلهم... هذا التيار الذي فشل فى مواجهة نظام سابق طيلة أربعة عقود من الزمان، كان أفراده فيه عرضة للقتل والتعذيب والتشريد، ومع ذلك تنكروا لثورة البسطاء والطيبين من أبناء هذا الشعب التي حفظت لهم ماء الوجه وناصبوها العداء، لشيء فى نفس يعقوب، ولمآرب أخرى.

فالثورة لا يمكن اختزالها فى هذا الصراع وتبعاته.. وإنما هي حالة يقظة سرت فى قلب كل ليبي وأوقدت فيه الحلم والأمل والنضج وحتمية الوصول... وأحرقت كل السفن للحؤول دون الرجوع لوضع سابق كفر به حتي خاصته ومريدوه... وفتحت الآفاق لرأب التصدع... وصنع السلام.. والتطلع بتفاؤل لما تحمله قادم الأيام ..فلابد لليل أن ينجلي.. ولا بد من ليبيا.. وإن طال النضال.