Atwasat

عبد الرحمن شلقم: خائن أم رجل اللحظة التاريخية؟ (بروفايل)

القاهرة - بوابة الوسط السبت 13 فبراير 2016, 10:07 صباحا
WTV_Frequency

ينقسم الليبيون حول عبد الرحمن شلقم أكثر من انقسامهم حول خليفة حفتر، فالمناصرون لثورة فبراير يعتبرونه رجل اللحظة التاريخية، والرجل الذي انحاز لشعبه أكثر من انحيازه لنظام لم يخدم غيره، وعندما زار بنغازي بعد ثورة فبراير استقبلته الجموع بهتاف «مرات دموعك يا شلقم في حلق القذافي علقم»، بينما يمقته أنصار القذافي أكثر من أي شخص آخر انشق على القذافي وساهم في ثورة فبراير. اتضح ذلك خلال الندوة التي نظِّمت الأسبوع الماضي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، التي كان سيتحدث فيها عبد الرحمن شلقم قبل أن تضطر إدارة المعرض لإلغائها بعد أن اقتحم أنصار القذافي القاعة، ووجهوا شتائم لشلقم ووصفوه بـ«الخائن».

بعد ثورة فبراير أصدر كتابي «أشخاص حول القذافي» و«نهاية القذافي» وفيهما يروي شهاداته حول حقبة القذافي

ليست هذه المرة التي يعاني فيها شلقم من أعضاء اللجان الثورية، فقد كان دائمًا على خلاف معهم، ففي العام 1978 اقتحم أحمد إبراهيم مع أتباعه ندوة أُقيمت في بنغازي في مناسبة الذكرى الحادية عشرة لرحيل الشاعر علي الرقيعي، وجرى اعتقال عدد من الكتاب والمثقفين معظمهم كان يكتب في جريدة «الأسبوع الثقافي»، ووجهت لهم تهمة تكوين تنظيم سري لقلب نظام الحكم، في ذلك الوقت كان شلقم رئيس تحرير جريدة «الأسبوع السياسي».

اقرأ أيضًا.. تفاصيل الاعتداء على شلقم في معرض القاهرة للكتاب

وكان معظم المعتقلين من أصدقائه ولم يتردد للذهاب إلى المحكمة ليشهد أمامها أن هؤلاء ليسوا أعضاء في تنظيم سري، ومع ذلك حكمت المحكمة عليهم بالإعدام ثم بالسجن المؤبد ومرة أخرى يشعر شلقم بالغبن، فالثورة التي ناصرها وضعت أصدقاءه في السجن مثل محمد بالقاسم الزوي الأمين السابق لـ«مؤتمر الشعب العام»، وعبد العاطي العبيدي آخر وزير خارجية في عهد القذافي، ومع ذلك فهو لا يشعر بالندم على موقفه في مجلس الأمن عندما كان مندوب ليبيا الدائم في الأمم المتحدة، عندما ألقى خطابًا مؤثرًا طلب فيه من القذافي أن يدع الليبيين وشأنهم، يدرك القذافي أن شلقم المولود في قرية الغريفة بالجنوب الليبي العام 1949 ليس لديه طموحات في السلطة ولا يشكل خطرًا.

يدرك القذافي أن شلقم المولود في قرية الغريفة بالجنوب الليبي العام 1949 ليس لديه طموحات في السلطة ولا يشكل خطرًا

أنصار القذافي يعتبرون شلقم هو من أحضر حلف الناتو إلى ليبيا، في حين لم يكن شلقم يملك هذه القدرة، فالقرار أُتخذ عندما امتنعت روسيا والصين عن التصويت ولم تستخدما حق النقض، وكتائب القذافي كانت قد وصلت إلى ضواحي بنغازي وكان شلقم يخشى حدوث مذبحة في المدينة، في حين اتخذ أعضاء البعثة الليبية في الأمم المتحدة قرارًا بالانحياز إلى الثورة، بينما أخفى شلقم قراره حتى اللحظة الأخيرة.

اقرأ أيضًا.. هيثم الحاج: أوقفنا ندوة ليبيا بمعرض الكتاب بناء على طلب المشاركين

لا يخفي شلقم آراءه حتى أمام القذافي الذي تعرف عليه في مدرسة سبها الثانوية، فقد طالبه في أواخر 2010 بتصحيح الأوضاع في البلاد، وأنصت القذافي باهتمام لانتقادات شلقم على مدى ساعتين، ولكن القذافي لم يكن قادرًا على تغيير أي شيء. يدرك القذافي أن شلقم المولود في قرية الغريفة بالجنوب الليبي العام 1949 ليس لديه طموحات في السلطة ولا يشكل خطرًا، فهو لا ينتمي إلى قبيلة كبيرة مثل جلود والسنوسي والزوي، وربما لذلك لم يعرض عليه القذافي الانضمام إلى خلاياه المدنية السرية، فهو يعارض الانقلابات العسكرية، وقد زادت قناعته عندما درس الإعلام في القاهرة، واختار منذ البداية أن يعمل في الإعلام، فعين العام 1975 محررًا ثم رئيسًا لتحرير جريدة «الفجر الجديد»، ثم رئيسًا لتحرير جريدة «الأسبوع السياسي»، فمديرًا لـ«وكالة الأنباء الليبية» فوزيرًا للإعلام بين العامين 1981 و1983.

شلقم طالب القذافي أواخر 2010 بتصحيح أوضاع البلاد لكن لم يكن الأخير قادرًا على تغيير أي شيء

ولكنه لم يستطع التأقلم مع أجواء تكميم الأفواه ونهاية حرية التعبير خلال حقبة الثمانينات الحالكة، فقرر الابتعاد عن الإعلام وعين العام 1984 سفيراً لليبيا لدى إيطاليا وهو المنصب الذي استمر فيه لمدة 11 سنة متوالية وبعد عودته إلى ليبيا العام 1995 أُبعد شلقم عن كل المناصب وبقي في بلدته الغريفة بعيداً عن الأضواء لما يقرب من العامين، قبل أن يعود القذافي العام 1998 ويعينه أميناً للشؤون الخارجية بـ«مؤتمر الشعب العام»، قبل أن يكلفه حقيبة الخارجية العام 2000 ليستمر في هذا المنصب تسع سنوات، وأخيرًا يعينه سفيرًا لليبيا في الأمم المتحدة ليكون على موعد مع ثورة فبراير. خلال هذه الثورة وبعد خطابه في مجلس الأمن أُحرق بيته في طرابلس، وأُحرقت مكتبته الضخمة التي جمعها طوال سنوات عمره، كما أُحرق عود تحصل عليه من الموسيقار رياض السنباطي، ونجا ابنه محمد بأعجوبة من الاعتقال، فيما قتل عدد من أقاربه، وحتى الآن لا يزال شلقم يدفع ثمن موقفه.

بعد ثورة فبراير أصدر كتاب «أشخاص حول القذافي»، وكتاب «نهاية القذافي» وفيهما يروي شهاداته حول حقبة القذافي التي كان يلفها الغموض، وبالرغم من ابتعاده عن المشهد السياسي إلا أن السياسة تلاحقه، فقد عرض عليه منصب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، إلا أنه رفض، ويأتي رفض شلقم لأسباب سياسية فهو لن يكون صاحب القرار وسط ثمانية شركاء يملكون حق الاعتراض، ومع ذلك لا يبخل بإبداء النصح لكل مَن يستشيره من أصحاب القرار.

وللمزيد «اضغط هنا» لتحميل العدد الثاني عشر من جريدة الوسط، ملف بصيغة  (PDF)

عبد الرحمن شلقم: خائن أم رجل اللحظة التاريخية؟ (بروفايل)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
باتيلي: شروط القادة الليبيين قبل إجراء المفاوضات تكشف عن رغبة في رفض مسبق للحل
باتيلي: شروط القادة الليبيين قبل إجراء المفاوضات تكشف عن رغبة في ...
مندوبة بريطانيا لدى مجلس الأمن: انتهاكات «فاضحة» لحظر السلاح في ليبيا
مندوبة بريطانيا لدى مجلس الأمن: انتهاكات «فاضحة» لحظر السلاح في ...
باتيلي: الأزمة الاقتصادية في ليبيا تعمقت مع إصدار قرار فرض ضريبة موقتة على العملة الأجنبية
باتيلي: الأزمة الاقتصادية في ليبيا تعمقت مع إصدار قرار فرض ضريبة ...
باتيلي: إضافة مقعد لحكومة حماد إلى طاولة الحوار سيعطي طابعًا رسميًا للانقسامات السائدة في ليبيا
باتيلي: إضافة مقعد لحكومة حماد إلى طاولة الحوار سيعطي طابعًا ...
باتيلي ينتقد «أنانية» القادة الليبيين وتغليب مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد
باتيلي ينتقد «أنانية» القادة الليبيين وتغليب مصالحهم الشخصية على ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم